المنسيه (3-250)


حاجه العازه ولدت هنا ودفن اجدادها هنا في هذه القرية (المنسيه) .
(المنسيه) هو اسم القرية التي بذل حاج بابكر جهدا كبيرا لبحول اسمها إلى (الإنقاذ). وبعد سنوات من المعافرة واللت والعجن صار(الانقاذ) اسما جديدا للقرية في كل مكاتبات الحكومة الرسمية لكن أهل القرية لا زالوا ينادونها ب(المنسية) وحتى البكاسي المسقوفة التي تنقل الأهالي من وإلى المركز مكتوب عليها وبحط متعرج (المنسية-الخرطوم وبالعكس).
(المنسيه) عبارة عن سودان مصغر فناظر المدرسة الابتدائية -أ ستاذ الأمين- من أبناء وسط السودان وعبد الصمد -تمرجي الشفخانة- من ابناء الشمالية وناظر الثانوية العليا -استاذ آدم- من أبناء دارفور وميانق -شاويش مركز الشرطة- من أبناء الاستوائية أما محطة القطار فيديرها ادروب من أبناء الشرق.
(المنسيه) ترقد على النيل فهو يحفها من جانبها الغربي فيها مدرسة أساس للبنين وأخرى للبنات وثانوية عليا للبنين ومثلها للبنات.
سوق(المنسيه) صغير وغالبيته من الاكشاك المتراصة في شكل حدوة حصان فتحتها إلى النيل. وعلى بعد ميلين من السوق تقع (شفخانة المنسيه) المبنية على الطراز الانجليزي القديم والتي يديرها التمرجي عبد الصمد منذ 17 عاما . وإلى الشرق من الشفخانة وعلى بعد خطوات تجد (مركز شرطة المنسيه) وقوامه خمسة من العسكر يرأسهم الشاويش ميانق أما في حدود القرية الغربية وبمحاذاة النيل قامت كماين الطوب التي تظللها أشجار النيم واللبخ ودقن الباشا.
على الجانب الشرقي للقرية يمر خط السكة حديد وبيوت ناظر المحطة وعمال المحطة.
من أهم شخوص المنسيه الخمسيني وداعة الذي يطلق عليه أهل المنسيه لقب (عبيط القرية) فوداعة ليس من أهل المنسيه ولكنه جاءها بأكرا في سني عمره الأولى ووداعة احيانا يكون معتدل المزاج يخدم الضيوف في مناسبات الأفراح والاتراح وفي احايين كثيرة يكون مهووسا يلطم هذا ويضرب ذاك ويخطف ذياك ولكن كل أهل المنسيه يعتقدوا في وداعة ويعتبرونه مؤشر للكوارث اقوى من إرصادات ال بي بي سي وال سي ان ان فوداعة كثيرا ما نبه أهل القرية إلى سيول قادمة أو فيضانات آتية أو أعاصير لا تبقى ولاتذر.
كان وداعة يصعد إلى سطح الشفخانة وهو يصيح (يا ناس الحلة هوووووي السيل جاكم). فيغلق الأهالي الدكاكين و يسرح المعلمون الطلاب ويتواصل الشاويش ميانق مع الرئاسة عبر راديو الشرطة طلبا للنجدة فمؤشر وداعة لايخطي ولا يخيب فتصن المنسيه عن بكرة ابيها لساعتين كاملتين ووداعة يصيح (يا ناس الحلة هووووي السيل جاكم). وبعدها ينهمر السيل شلالات ليغمر المنسيه عن بكرة ابيها
(قهوة الدنقلاوي) من أشهر معالم المنسيه والقهوة يؤمها الموظفين والتجار وعامة أهالي القرية يتبادلون فيها أخبار بعضهم البعض. هي ملتقى للتسلية وتناول المشروبات الساخنة بأنواعها ولعب الكوتشينة والضمنة والطاولة.
عوض الدنقلاوي بطوله الفارع ومنكبيه العريضين ولكنته الدنقلاويه المحببه يستقبل ضيوف القهوة بنفسه هاشا باشا وهو يحفظ عن ظهر قلب أماكن جلوس كل فوج قادم إلى القهوة ويوجه كلنكيت (صبي القهوة) ليضع الكنب والطاولات في اماكنها المحببة للزوار كل حسب هواه. وكلنكيت محبوب وسط الزبائن وهو محب لعمله ويخدم بإخلاص من أجل البقشيش الذي يقدمه له الزوار من الأفنديه.
حاج بابكر و حاج الفضل ليسوا من رواد القهوة فهم مكروهين من كل أهل المنسيه.
الطريفي المدغمس يأتي إلى القهوة متلصصا بعد أن يؤدي صلاة العشاء مأموما خلف حاج بابكر فهو لا يريد أن يراه حاج بابكر في القهوة لأن حاج بابكر ومن منطلق عداء الاهالي له غرس في من حوله من حاشية معاني أن الجلوس في قهوة الدنقلاوي مفسدة و بهتان واثم كبير.
الطريفي يلعب بكل الكروت وعلى كل الحبال لا يدفع ولا مليما واحدا في القهوة يشرب الشيشة مع مجموعة ويتناول القهوة مع أخرى ويشكو من حلقه بإستمرار ويطلب من كلنكيت كوبا من الجنزبيل الحار مع السكر الثقيل على دفتر الحساب . وهو دائم التعليق على لافتة القهوة المكتوبة باللون الأبيض على خلفية سوداء فهو يرى أن اللون الأسود لا يناسب أماكن البهجة والفرفشة مقارنا لعوض الدنقلاوي بين لافتة (بكري المصوراتي ) ولافتة (ود اللوا للعماري الممتاز) وبين ألوان لافتته .
نواصل
شاركه على جوجل بلس

عن حمدى صلاح الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق