في أول (إطلالة) له على صفحات (مدونة إليكترونية) : الإذاعــي ( نــور الدين زورقـي) من (راديو BBC) في ضيافة مدونة (بدون ألوان)

في أول (إطلالة) له على صفحات (مدونة إليكترونية) :
الإذاعــي ( نــور الدين زورقـي) من (راديو
BBC) في ضيافة مدونة (بدون ألوان)



قبل سنوات ليست بالقليلة وتحديداً قبل ظهور الفضائيات بشكلها الحالي كان العالم العربي من شرقه الى غربه عندما يبحث عن التثبت من خبرما يتساءل الناس : ماذا قالت لندن؟؟ المذياع لايفارق البوادي والحضر في تلكم الفترة . وكان يجلس أمام المايكرفون بكل ألق الكبار ليقرأ نشرة الأخبار وسط متابعة الملايين . يعتبر من افضل مذيعي نشرات الاخبار من (المحيط) الى (الخليج). يتميز بمقدرة عالية جدا على (التنغيم والتركيز) تتضح بجلاء خلال قراءته لنشرة الاخبار وكأنما يعزف سيمفونية كلاسيكية رائعة. الرجل صاحب ثقافة عالية ونبوغ غريب وقبول عالي عند المستمع والمشاهد على حد سواء. كنا (نهرب) من المدرسة لسماع نشرة العاشرة بصوت ابن المغرب الانيق.حاصل على بكالوريوس الآداب العصرية المزدوجة عربي-فرنسي  اضافة الى دبلوم في شئون العلاقات الدولية والقانون الدولي. (نور الدين زورقي) نجم بي بي سي عربي يجلس اليوم في ضيافة (بدون الوان).

استاذ نور: السلام عليكم ورحمة الله. اقدم لك اولاً شكري على موافقتك الاطلالة عبر مدونتي المتواضعة.
وعليك وعلى قراء مدونتك ألف سلام ورحمة، أما الشكر يا زميلي العزيز فلك ولأحبتنا من المستعمين والمتلقين في السودان الذين يتعاظم وفاؤهم ل BBC عربي عاما بعد عام، أرجو ألا أكون ضيفا ثقيلا.


أستاذ نور: عبرك نحيي الشعب المغربي الشقيق وبالتأكيد اواصر العروبة تجمع الشعبين السوداني والمغربي ونحن نعرف المغرب عبر كرة القدم اكثر ففرقكم الرياضية زارت السودان كثيرا مثل (الوداد – الرجاء).
أما عما يربط المغاربة والسودانيين فمع احترامي للعروبة والفوتبول، أقول لنفتش جميعا عن أواصر أقوى وأعمق بين الشعبين والبلدين العريقين، روابط تبادل تجاري لقرون، والطرق الصوفية، وعلاقات مصاهرة ونسب موغلة في القدم، وهناك أيضا السلم الخماسي في فنون الموسيقى الذي يتفرد به السودان والمغرب عن باقي هذه البقعة الممتدة من المحيط إلى الخليج، 

أكيد العــلاقات بين الشعبين السوداني والمغـــربي علاقات قديمة وممتدة . دعنا ننتقل إلى محور آخر أستاذ نور , استاذ نور: بسببك كنا نأخذ 3جلدات من ناظر المدرسة. كنا نهرب لنسمع النشرة بصوتك؟ هي ذكريات الدراسة. كنا نمني النفس بلقاء زورقي , سلوى اسطواني ,عارف حجاوي  ,خليل فهمي , حسام السكري , ماجد سرحان وبقية العقد الفريد النضيد وكنا نفخر بأيوب صديق وعمر الطيب.
والمعلميْن محمد خير البدوي وإسماعيل طه، وغيرهما ممن علموا الأجيال التي جاءت بعدهم أن خدمة المستمع والمتلقي إعلاميا شيء لا يستهان به، فتحية لهم جميعا أينما كانوا من وردت أسماؤهم ومن لم يتسع لأسماهم المجال، أنا الأسعد باللقاء وبتفاعلنا رغم البعد، لكن وعلى سبيل المزاح أقول لك " لست أدري إذا كان اعتذاري يمكن أن يجديك شيئا في أمر الجلدات التي أرجو أن يكون عددها كبيرا لأستدل على متابعتك بإخلاص لبث BBC" وبالمناسبة وفي غير مزاح هذه المرة أنا أيضا لي  ذكريات لا تبلى عن الجلدات بالفلقة على يد معلم الكُتّاب حيث كنت أقضي شهرين كل صيف في حفظ القرآن وتعلم اللغة العربية وهو ماساهم في نهاية المطاف في إعجادي لعملي في هيئة الإذاعة البريطانية، وهكذا فحمدي صلاح الدين ونورالدين زورقي كلاهما "أكل علقة" في سنوات الصبا بسبب البي بي سي.

استاذ نور: حدثنا عن بداياتك مع الاعلام ؟
ربما كانت هذه أول مرة أكشف فيها أنني كنت أستمع إلى بث راديو بي بي سي عربي في مسقط رأسي بمدينة آزمور على المحيط الأطلسي وأحلم بالعمل مع هؤلاء الرواد الأوائل، كان حبهم وإتقانهم لعملهم يجذب المتلقي ويحببه في المهنة، وهذا ما حصل لي حتى هجرت أحلامي بالعمل في المجال الديلوماسي. وعندما وصلت إلى بريطانيا للحصول على شهادة في الترجمةمطلوبة في العمل الدبلوماسي، وقابلت معلمي وزميلي منير عبيد في الجامعة، وكان يدرس الطلبة الناطقين بالإنجليزية قواعد اللغة العربية الفصحى إضافة لعمله مخرجا في بي بي سي،كنت أنا في تلك الأيام إلى جانب درالستي الجامعية أعمل ساعات محدودة في إحدى إذاعات الجاليات في بريطانيا، فأخذ بيدي بكثير من النصح والتدريب، وكان مخرجا صارما في مهنيته، فأيقنت أن هذه هي المهنة التي ستطعمني كسرة خبزي.

استاذ نور: اذا طلبنا منك تقسيم محطاتك في BBC الى ثلاث   محطات  كيف  تسردها لنا ؟
في مسيرة عملي في بي بي سي أكثر من محطة ومرحلة، فأنا شخص لا يمكنني أن أكون محصورا في  قالب عمل واحد ثابت، وإلا تحولت مهنة تقوم على كثير من الخلق والإبداع إلى عمل مكتبي روتيني، لكن إذا أنتأردت تصنيفا لأبرز مراحل عملي في BBC حتى الآن فيمكن الحديث عن المرحلة الأساسية، ومرحلة الإنتاج والإخراج وأخيرا مرحلة الإعلام التفاعلي متعدد الوسائط. المرحلة الأولى تعود إلى فترة الدراسة الجامعية في بريطانيا حيث عملت متعاونا مع دائرة المنوعات والبرامج العامة في مجموعة من البرامج منها "البرنامج المفتوح" و"مشاهد وأحداث" و"ساعة حرة" و"عالم الكتب" و "ندوة المستمعين" مع أساتذتي منير عبيد وسلوى الجراح وإسماعيل طه وعبد الله المعراوي رحمه الله وعبلة الخماش ومديحة المدفعي وجميل عازر وهاني العربي. وعندما انضممت في مطلع التسعينيات لأسرة القسم العربي من هيئة الإذاعة البريطانية كما كانت تسمى في تلك الأيام تدرجت من العمل معدا للنشرات الإخبارية فمخرجا للجولات الإخبارية في عالم الظهيرة والمساء، ثم مقدما للنشرات الإخبارية والجولات الإخبارية، ضمن سياسة تعدد المهارات التي كانت BBCتتبناها في تلك الأيام.

المرحلة الثانية -هي مرحلة الإنتاج والإخراج في مطلع الألفية الجديدة ولها مكانة خاصة في تجربتي الغنية مع الإعلام الإذاعي- وخلالها أعددت في مطلع الألفية الجديدة سلسلة "لحظات حاسمة" عن أبرز الأحداث السياسية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية التي طبعت مسيرة البشرية في القرن العشرين، ومن الوثائقيات الإذاعية التي أتاحت الاستخدام الأمثل لثروة أرشيف بي بي سي أعددت وأخرجت سلسلة "ملفات الحرب الباردة" التي لا يزال المستمعون يتذكرونها حتى الآن، وأعددت وأخرجت لفترة طويلة سلسلة "من وراء البحار" وكانت مجلة إذاعية عن الشؤون البريطانيةقدمتها لسنوات مع الزميلة العزيزة هالة صلاح الدين.

أما المرحلة الثالثة ولا تزال متواصلة، فهي الأكثر تحدّيا: مرحلة الإعلام التفاعلي متعدد الوسائط وفيها أعتز كثيرا بدوري ضمن فريق برنامج نقطة حوار خاصة عندما تقرر أن يتحول البرنامج مع انطلاق تلفزيون BBCعربي،  من برنامج اتصالات هاتفية عبر الراديو إلى برنامج تفاعلي متعدد الوسائط عبر التلفزيون والراديو وأونلاين، كان ذلك أكبر تحدّي واجهته أسرة البرنامج والزميل محمد يحيى الذي كان رئيس تحرير نقطة حوار في تلك الأيام.كان المطلوب إطلاق نمط جديد من تقاليد العمل الإعلامي تقوم على التفاعل بين الجمهور في قضايا وشوؤن الساعة المختلفة المتراوحة بين السياسي والاجتماعي والإنساني، بحيث يصبح دور المقدم مجرد وسيط في الحوار الذي يستخدم فيه المتحاورون وسائل مختلفة يملكون هم مفاتيحها كالويب كاميرا أو المشاركة المباشرة بالهاتف أو السكايب دون قيود أو رقابة.

استاذ نور: زملاء BBC من السودان كيف تراهم؟
تحدثت لك في البداية عن إسماعيل طه كأحد من علّموني حرفة العمل الإذاعي وتحديّات الميكرفون والبث المباشر، ولعل من أجمل ما التقطت من اسماعيل أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية تعدّد المهارات الإذاعية بين برامج عامة وبرامج منوعات وبرامج إخبارية. كان أيوب صدّيق من الناس الذين ألهموني فكرة تكوين شخصية خاصة بك عبر الميكروفون، وكم تعلّمت من محمّد خير البدوي العمل بتفان في إعداد النشرات إخبارية وملاحقة التطورات دون كلل أو كسل، أما عمر الطيب فهو من جيلي ويرأس الآن فريق العمل الذي أعمل ضمنه في جولات العالم هذا الصباح وعالم الظهيرة والحصاد الإخباري اليومي.

أستاذ نور: BBC أعطتك الكثير – ماذا أخذت منكَ ؟
الإعلام عموما مهنة تسافر مع ممتهنها في حياته الخاصة والعامة، لا مفر من ذلك، ولا يمكن للصحفي أو الإعلامي في ال BBC أو غيرها  أن يشتكي من أن مهنته تستهلك الكثير من الوقت، فهذه مهنة المتاعب، خاصة إذا تعلق الأمر بالبحث عن الحقيقة في توازن وحياد كما هو الحال هذ الهيئة منذ وجدت.


أستاذ نور: في أي محطة يقف الاعلام العربي من وجهة نظرك؟
آه يــا صديقي، لماذا تقلب عليّ المواجع؟ قبل أسابيع سألني عدد من المستمعين عندما كنت في ضيافة محمود المسلمي في "همزة وصل"  عن حال الإعلام العربي بعد "الربيع العربي" لست أذكر بالتحديد ماذا رددت على السائلين، لكن الفكرة عموما هي ما أزعجني في صورة وأداء الإعلام العربي خاصة بعد التحولات الدراماتيكية في تونس ومصر بوجه خاص، هو أن حفنة من مدعي العمل في مجال الإعلام تضخمت رؤوسهم لست أدري بماذا، ولأي سبب، ومن كان وراءهم، وحسبوا أنهم قادة المجتمع واتخذوا منابر إعلامية يتصرفون منها كما لو أنهم أصحاب ولاية أو وصاية سياسية وأخلاقية على الشعوب وإرادات الشعوب!!! من العار أن يصبح الإعلامي طرفا في صراع سياسي أو اجتماعي وبالتالي خصما لشريحة من المتلقين أو للجمهور، لا يستحق شخص كهذا أن يعمل في مجال الإعلام، وإن هو استمر مدعوما باعتبارات المصلحة فليوقن أنه لايعني شيئا للجمهور، لأن المتلقي هذه الأيام أقوى من أن يستهين أحد به أو بذكائه.أما الإعلام العربي فبالرغم مما توفّر له من وسائل المال والتكنولوجيا المتقدمةفلا يزال معظمه يدور في فلك المصالح والاعتبارات والضغوط السياسية، ويعاني كثيرا من الشللية ومنافسات وعصبية بين جنسيات وأخرى. هذا رأيي دون تحفّظ. لايعني هذا عدم وجود تجارب جادة وناجحة وإعلاميين يحترمون رسالة الإعلام الحقة.


استاذ نور: ظهور نقطة حوار على الشاشة هل خَصَمَ من ادائك ولو بعض الشيء. انا خضت التجربتين الاذاعة ثم الشاشة. ولم اجد نفسي في الشاشة. فلعشق مايكرفون الاذاعة طعم خاص. ما تعليقك ؟
الحقيقة أنني شخص يكره الرتابة والبقاء طويلا في وضع أو ترتيب معين وكما قلت لك هذه مهنة لا نجاح فيها دون وجود قدرة على الخلق والإبداع، والروتين والرتابة أعداء الإبداع، وانتقالي للتلفزيون لا يقتصر على نقطة حوار ومع أنني اكتسبت كثيرا من مواصلة العمل في نقطة حوار من الراديو إلى التلفزيون، إلا أنني أيضا أقدم نشرات الأخبار في التلفزيون ودخلت فيه أيضا مجالا صعبا هو مجال التحقيقات الوثائقية الميدانية، وبعد فيلم شاشة للرئيس عن الإعلام الرسمي في سوريا، انتهيت مؤخرا من التصوير في برنامج تحقيقي مع مخرجه الزميل عمر عبد الرازق عن موضوع حساس من موضوعات الساعة أترك تفاصيله لموعد بث الفيلم في مارس القادم.

استاذ نور: قمت بتقديم العديد من الحلقات في (نقطة حوار) عن ثورات الربيع العربي. ما الاشياء التي لمستها من خلال تلكم الحلقات بعيداً عن ما قيل على الهواء. (بعين الخبير) الى ماذا توصلت من جملة تلكم الحلقات ؟
لست أدري ما إذا كان تعبير الربيع العربي صائبا، لكن بعيدا عن كليشيهات التعبيرات الجاهزة، الواقع أن المواطن العربي الآن لم يعد ذلك المتلقي السلبي الذي يعاني من الأنظمة الشمولية وإعلامها الذي كان يفرض المعلومات والأخبار على المواطن. مستخدم ومتلقي الإعلام العربي يريد أن يقول رأيه في الأحداث وهو في منتهى القدرة على تمييز أي عمل إعلامي دون المستوى، وهذا تحدّ كبير يواجهه الإعلاميون في كل المنطقة، وعندما تسمع المتحاورين في نقطة حوار، تتيقن تماما أنهم يريدون الحكم الجيّد ومكافحة الفساد، يريدون حرية التعبيرعن آرائهم، وتشعر أيضا أنهم اكتسبوا خصال احترام الآخر ورأي الآخر


استاذ نور: دعنا ننتقل الى دلالات المكان. إبداع نورالدين زورقي في بريطانيا هل سيكون بذات المستوى لو هاجر نور الى دولة عربية؟
مجتمعاتنا تتغير يا صديقي، شيء يبعث على السعادة، هذا أهم شيء، مجتمعاتنا وأممنا عانت من ظاهرة الاستعمار ومن استنزاف خيراتها ومن الحكم الاستبدادي في حقبة ما بعد الاستعمار، عانت من هجرة أدمغتها، هناك مجتمعات استُنزفت طاقاها وخبراتها استنزافا كالعراق مثلا، لكن مثل هذه التجارب المريرة لن تجعلني أشعر باليأس من فرص هذه المجتمعات في النهوض مجددا، بل أنا واثق من ذلك، هناك أجيال صاعدة من الشباب الطامحين إلى الإبداع والإنجاز وهم الأهم في هذه المرحلة الحاسمة وليس لهم من فرصة للنجاح سوى العيش بكرامة في أوطانهم.أماأنا فلا أشعر أنني أبدعت شيئا يستحق أن نتحدث عنه في هذا اللقاء.

استاذ نور: الإذاعيون والمخرجون وكتاب السيناريو مظلومون إعلامياً في الوطن العربي على الرغم من العطاء الثر . تعليقك؟
أفهم جيّدا ماذا تقصد، أعود ثانية لكلامي عن الفهم الصحيح لرسالة الإعلام ووظيفة الإعلام، يجب أن يدرك كل من يعمل في هذا المجال أن الأمر لايتعلق بالفرد، بل يتعلق بعمل فريق يكمل بعضه البعض الآخر. معدّو البرامج والمخرجون في أي مجال لهم دور، المراسلون دورهم مهم لأنهم يأخذونك إلى عين مكان الحدث، المنتجون والمختصون بالجوانب الفنية والتقنية في العمل الإعلامي دورهم حاسم، المقدمون أو من يديرون الحوار دورهم مهم فهم يعرضون الإنتاج على المتلقي، لا يجب أن ننجرّ وراء وراء الكليشيهات لننصرف عن جوهر العمل الإعلامي، الاذاعيون والمخرجون وكتاب السيناريو ليسوا مظلومين إعلامياً في الوطن العربي، لأن العمل الناجح وحده المعيار وهو خير شهادة لمن يقف وراؤه، ربما كانوا مظلومين بسبب الافتقار إلى البنية الأساسية اللازمة وإلى مفاهيم وقواعد موضوعية يجب أن يتحلّى بها المسؤولون واصحاب القرار في هذا المجال عند التعامل مع فريق العمل كوحدة متكاملة ، ولكن ليس من الإنصاف الشكوى على هذا النحو، وإلا تحول الأمرإلى لعبة أنانية لا أكثر ولا أقل.


استاذ نور: الاعلام الالكتروني أطل في المشهد الاعلامي العالمي بقوة وانطلق بسرعة الصاروخ (انت الان تتحدث الى مدونة هي بالتاكيد ليست في مستوى فضائية أو اذاعة ولكنها تجربة قد تكون الاولى بالنسبة لك وقررت خوضها). مساحات الاعلام الالكتروني في الوطن العربي كيف يراها نور؟
عزيزي حمدي يسعدني كثيرا أن ألتقيكم جميعا من خلال مدونة، وهي إحدى طرائق الإعلام والتواصل الحديثة، رغم أن ذلك لا يفسد ودنا جميعا للإعلام الكلاسيكي، ومع ذلك فعلينا أن نعترف بأن الإعلام الإلكتروني استتبّ له الأمر يا صديقي لأنه ببكل بساطة نتيحة طبيعية للتوسع في حرية الرأي والتعبير والإعلام التي ينشدها الكل في كل شبر من الأرض، وهناك الآن حديث عن الإعلام الجديد New media والإعلام الاجتماعي  Social media عبر فيسبوك وتوتير وغوغل والقائمة طويلة، هناك إعلام المواطن Citizen journalism عندما يكون المواطن العادي بكاميراهاتفه الموبايل مثلا شاهدا على أحداث ووقائع وظواهر وعندما تخطب هذه المؤسسة الإعلامية أو تلك ودّه للحصول منه على صور فريدة أو معلومات لم يسبقه إليها أحد، إعلام المواطن موجود الآن في مؤتمر جنيف2 حول سوريا؛ للأسف هذا الطراز ليس مزدهرا بعد في العالم العربي وفي بعض الحالات القليلة يقبل عليه البعض باستحياء، ، ولدينا في هذا المجال في BBC عربي نموذج ناجح جدّاوأعني هنا برنامج "أنا الشاهد."
شيء واحد يوجع قلبي وهو الشطط في استعمال مواقع التواصل الاجتماعي خاصة الفيسبوك وتويتر في الإساءة إلآخرين وفي إثارة كافة مشاعر الكراهية العرقية والطائفية والمذهبية وهلم جرّا، بعض المؤمنين بنظريات المؤامرة يقولون عند هذه المواقع إنها مصائد، وأنا أقول إنها المستقبل ولكن الاستعمال الرشيد هو سر النجاح في كل مجال.


استاذ نور: عرفت انك قمت بترجمة خطاب اوباما من القاهرة ترجمة فورية. حدثني عن هذه التجربة .
أوباما أنعش الكثير من الآمال بخطاباته الأولى تلك في تركيا وفي جامعة القاهرة، وقد ترجمت كليهما على الهواء، كم كان ساذجا المسكين!!! طبعا كان شعورا غامرا لأنني كنت بين كثيرين حسبوا أن الرجل سيدشن حقبة جديدة في العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي، ظن كثيرون أننا سنودع مصطلحات كالحرب على الإرهاب التي أساءت كثيرا لعلاقة الشرق بالغرب، وأننا سنتحول إلى حوار الحضارات لا صراعها، والآن تأمل معي أين انتهينا؟ كان كلاما سرابا!!؟؟ انشغل أوباما عن تلك القضية بهموم الداخل الأمريكي، وعاد دولاب الدبلوماسية الأمريكية يدور وكأننا في مرحلة الحرب الباردة، أما من حيث الترجمة  فأنا ممنون للسيد أوباما، لا بدّ أنه كان يدرك أن هناك مترجمين سيتصدون للخطاب فتحدث بوتيرة معقولة، جعلت الترجمة بالنسبة لي متعة ناجحة وسهلة.  

مجرد إختياركم لترجمة الخطاب بغض النظر عن فحوى الخطاب هو دلالات كبيرة على كفاءة شخصكم الكريم وكما ذكرت أمريكا بدأت الغرق في دوامة من المشاكل الداخلية منذ تلك الفترة إذآ لندع أوباما وننتقل إلى محور آخر. رجل بخبرتك الطويلة بالتأكيد مرت به العديد من المواقف الطريفة داخل الاستديو.
ذات مرّة قدم أفتيم قريطم اسمي في نهاية المجلة الرياضية على أنني نورالدين المرسلي بطل ألعاب القوى الجزائري المعروف، وفي الحلقة التالية دسست في يده ورقة قبل انتهاء المجلة كتبت له فيها أنا نورالدين زورقي ولست نورالدين مرسلي، كانت عبلة الخماش تشاركنا التقديم ففضحني أفتيم على الهواء قائلا "نور يذكرني بأنه نورالدين زورقي وليس نورالدين المرسلي،"  فانفجرت عبلة ضاحكة وعلقت ببديهة رائعة قائلة: |"طبعا وإلا كان بطلا "، وذات عالم هذا الصباح تنحنحت عند تسجيل  أحد التقارير ثلاث مرات منفصلة، ونسيت أن أحذفها في المونطاج، وكان الزميل سعيد الشيخ يقدم البرنامج، ففوجيء بأول نحنحة وحسب أن المصيبة انتهت، وبعد ثوان عالجته بتنحنح آخر صعقه هذا المرة، فأشار لمهندس الاستوديو أن يوقف الشريط واعتذر قائلا: أعتذر لمستمعينا عن هذا العطب الذي أصاب حنجرة الزميل نورالدين زورقي، ومن يومها خلت تقاريري من كل عطب وصرت أفحص أي تسجيل إلى حد الهوس.


استاذ نور: كيف تقضي يومك بعيداً عن الاستديو؟ الهوايات. ثم انني ارى على صفحتك حنيناً دائماً للسفر تعبر عنه منشوراتك؟
السفر عشقي لابد أنني سافرت كثيرا في الخيال أكثر من الواقع، أسافر إلى دار الإذاعة على دراجة هوائية، هوايتيالتي أصارع فيها طقس بريطانيا القاسي الزراعة والبستنة التي أخذتها عن أمي، بنت البادية، التي استقرت في المدينة وظل فيها الحنين للأرض والزرع تتعهده تعهدها لأولادها. أحب الموسيقى والغناء العربي "بتعصب" ولا يستهويني من الموسيقي الغربية سوى الكلاسيكية وسيلة للراحة والاسترخاء من العناء.
استاذ نور: بعد هذا العطاء الثر لو عدنا بالزمن وكأنك تستعد للمغادرة الى لندن للدراسة ومن ثم الالتحاق بالسلك الديبلوماسي. ايهما ستفضل؟ الاعلام ام السلك الديبلوماسي ولماذا؟
شعاري على الدوام: لا تنظر أبدا إلى الوراء، لقد أخذت فرصتي ونصيبي وأنا سعيد بذلك، وبيني وبينك، أنا رجل مثالي، رفضت العمل في المحاماة لأنني، بمنطق الشاب المفرط في المثالية في تلك الأيام، لم أكن أقبل أن أدافع يوما عن باطل أو ظلم، ورغم التحديات الجسام في الغربة وفي العمل فكم أنا ممتن أن قدّر الله لي أن أكون فردا متواضعا في أسرة من الإعلاميين الذين استهدوا على مرّ الأجيال بمباديء ال BBC في الحياد والموضوعية ليخدموا المستمعين والمشاهدين من المحيط إلى الخليج خاصة في أيام الجوع للحقيقة والأخبار الصحيحة الدقيقة، عندما كان النشطاء السياسيون وعامة الناس يقولون "ماذا قالت لندن" إذا هم أرادوا الخبر اليقين.

استاذ نور: نصائح للقادمين الجدد في المجال الاذاعي.
إياكم وقراءة نص دون استيعابه وفهمه، وإلا فكيف ستوصلونه إلى المستمع أو المتلقي، هكذا كان يقول لي منيرعبيد. وفي المادة الإخبارية والنشرات التزموا الحياد في النبرة والإلقاء، وهوشيء من باب السهل الذي قد يمتنع.
لابد من سعة الاطلاع على أحداث وشؤون الساعة من سياسية واجتماعية وإنسانية وصحية وبيئية، فتعريف الأخبار في أيامنا هذه أضحى يشمل كل شيء.
اطرحوا الأسئلة التي يطرحها رجل الشارع العادي لا الأسئلة التي يريد الضيوف سماعها، و عند مناقشة أي موضوع خلافي أو مثير للجدل اطرحوا أسئلة الطرف الغائب
ووصيتي لكم أخيرا: التفاعل التفاعل التفاعل، فقد ولى زمن العمل الإذاعي الخطابي الذي يفترض في المستمع والمتلقي أن يتلقى المعلومة بدون أن يسأل: كيف ولماذا.





استاذ نور: ماذا تقول لأهلك ومحبيك في السودان ؟

إشتقـنا لرفقة الملايين من مستمعينا الخُلّص -كما كان أيوب صديق يقول- على موجات ال FM في الخرطوم والخرطوم بحري وفي أم درمان!!! الله يجازي اللي كان السبب.


استاذ نور: سعدنا جدا بلقائك. واليوم مدونة (بدون الوان) أصبحت (ملأى بالالوان) بحضورك الجميل .  المساحة  لك لكلمة اخيرة .
محبتي واحترامي وامتناني للجميع على استضافتي في مدونة بلا ألوان، أرجو أن تظل دائما اسما على مسمى في البحث عن الحقيقة والجوهر دون تجميل أو ألوان.









من المحرر:

الرجل وافق على هذا اللقاء بكل تواضع وبدون قيود ولا شــروط . استمرت المراسلات بيني وبينه لأكثــر من ثلاثين يومآ عبر الإيميل أبدى من خلالها تواضعآ كبيرآ ونقاشآ مستفيضآ في العديد من التفاصيل التي وردت في اللقاء. أرسلت له عنوان اللقاء على النحو التالي : في أول (إطلالة ) له على صفحات (مدونة إلكترونية) ,  نجم ( بي بي سي ) المتألق (نور الدين زورقي) في ضيافة مدونة (بدون ألوان) . فأرسل لي رسالة بكل لطف يقول ( عزيزي حمدي بلاش نجم وبلاش متألق . يمكن أن تضع العنوان كالآتي : في أول إطلاله له على صفحات مدونة إلكترونية : الإذاعي (نورالدين زورقي) من( راديو                بي بي سي) في ضيافة مدونة بدون ألوان . وقد  إعترض اللقاء العديد من مشغوليات الرجل الذي كان يتنقل من دولة إلى أخرى لإنجاز مهام عملية وأخرى أُسرية ولكنه كان حريصآ على المتابعة والمراسلة حتى إكتمل اللقاء بحمدالله وفضلة وتوفيقة .
شاركه على جوجل بلس

عن حمدى صلاح الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق