قراءات في دفتر التشكيل الوزاري الجديد 1-3

وعلى طريقة اغنية الطمبور                                                                 (في المر ما عليكا ملامه *** أشرب ما تفضل جرعة)                                جاء التشكيل الوزاري الجديد. المبتسم الاول والاخير هو الشيخ حسن عبدالله الترابي الذي تمت مفاصلته في 1999م . دعك من الشعب السوداني فقد طال انتظاره لعبارة (مفاجآت) في عالم السياسة السودانية .                                                                                المتتبع للشأن السياسي السوداني يرى في التشكيل الوزاري الاخير اما انقلاباً ناعماً دونما مخاشنة او مفاصلة اخرى تشبه الى حد ما  مفاصلة الترابي في  1999م.
وقد اشارت صحيفة الشرق الاوسط اللندنية في مقال لها - رمضان الماضي -  الى هذه الاجراءات عبر مقال مطول لفت الانظار حينها ولكن لم يصدقه احد لصعوبة تنفيذه حيث ان كل القرارات الصادرة عن المؤتمر الوطني كانت لابد ان تمر عبر (المكتب القيادي) الذي كثيراً ما ترتد خطوات البشير الاصلاحيه من حائطه القوي المتشدد. كان من الصعوبة لي شخصياً - على الاقل  - تصور ان يخرج علينا البشير بتشكيلة حكومية يغير فيها الطاقم الرئاسي كاملاً (علي – نافع – الحاج ادم) واحد عشر وزيراً اسلامياً ابرزهم (الجاز -  المتعافي – كجو كنده – اسامة عبدالله – محمد المختار – ادريس عبدالقادر- كرمنو). وهذا مالم يحدث خلال ربع قرن هي سني حكم الاسلاميين حيث كانت التعديلات الوزارية تظهر بالكثير عنصرين او وجهين جديدين مع تدوير بقية المناصب بين الوزراء السابقين.
ننتقل الى (استقالة علي عثمان محمد طه) التي اعتقد انها (استقالة اكرامية) حيث وضح جلياً ان البشير مصر على التغيير ففضل طه (الاستقالة) على (الاقالة) وهو شرف لم ينله لا نافع ولا الحاج ادم . ولم تنجح كل وساطات الاسلاميين في اقناع طه بالعدول عن استقالته التي تعتبر فقداً كبيراً للحاءات الثلاثة (الحركة والحزب والحكومة) على حد تعبير الاسلاميين.
المشهد السياسي للحركة الاسلامية الان يسوده العسكر بل بدأ يسوده العسكر منذ احتلال بكري حسن صالح موقع  (نائب الامين العام للحركة الاسلامية) ودخوله – بحكم المنصب الجديد – المكتب القيادي للمؤتمر الوطني فكانت تلك (زفة) لدخوله القصر (نائباً اول) خطط لها بليل وهدوء. المشهد السياسي للاسلاميين يخلو من على عثمان – غازي صلاح الدين وال31 – نافع على نافع – عوض الجاز – الحاج ادم – المتعافي – صلاح قوش – ادريس عبدالقادر وبقية المقالين). اذن السؤال لماذا كل (هذه التغييرات) في (هذه الايام)؟؟ هو سؤال قد نجيب عليه في حلقتنا الثانية من سلسلة هذه المقالات ولكن دعونا نتحدث عن الطاقم الرئاسي والوزيرين الذين احتفظ بهما البشير من الحرس القديم (عبدالرحيم وكرتي).
بكري حسن صالح:
(رجل المخابرات القوي، رجل المهام الصعبة، صمام امان الانقاذ) كلها القاب كانت تسبق اسم الرجل ولكن اذا قارنا الملفات التي كان يئن بها ظهر على عثمان هل يستطيع بكري التقدم بها خطوة؟ ان الرجلين متميزين ولكن كل في مجاله فعلي عثمان محمد طه رجل سياسي من الدرجة الاولى عركته التجارب السياسية وخاض اوحالها رجل دولة يعد الثاني بعد الترابي  (في الحركة الاسلامية).                                 اما بكري فعسكري من الطراز الاول في مقام ومصاف الكوادر العسكرية المتميزة ولكن اداؤه السياسي قد يكون دون الوسط وقد يفشل اذا حمل ذات الملفات التي كان يحملها على عثمان واهمها ملفي (اداء الجهاز التنفيذي للدولة) و (حماية صف الحركة الاسلامية). الا ان تعي الرئاسة الخطوط المتوازية للرجلين وتقاطع المهام مع طبيعة كل منهما فتسند للنائب الجديد ملفات عسكرية وتسحب منه ملفات النائب القديم.
حسبو محمد عبدالرحمن:
عند ذكر اسم الدكتور حسبو محمد عبدالرحمن على مواقع التواصل الاجتماعي – قبل اعلان التشكيل الوزاري بساعات - خلط البعض بينه وبين (حسب الرسول دفع الله) البرلماني المثير للجدل والملتف حول (قضايا المرأة). ولكن الدكتور حسبو محمد عبدالرحمن هو مفوض العون الانساني السابق وهو من ابناء دارفور.                                  اتفاقية الدوحة تنص على ان يتولى منصب نائب رئيس الجمهورية احد ابناء دارفور فوجد البشير في الدكتور حسبو ثلاثة محاور قد تخدم قضية دارفور . المحور الاول : الحفاظ على الاتفاقية بتعيين حسبو نائباً لرئيس الجمهورية.                                                                         المحور الثاني: استغلال علاقات حسبو مع المنظمات الدولية التي كان محتكاً بها ابان فترة عمله في مفوضية العون الانساني لدعم السلام في منطقة دارفور.                                                                       المحور الثالث: الاستفادة من وزن الرجل في دارفور فيبدو ان لحسبو نفوذ كبير حيث اصطحبه نافع مرتين للصلح بين المعاليا والرزيقات.                                                اذن يبدو ان حسبو هو الانسب من بين الثلاثة الذين اختيروا في الطاقم الرئاسي الجديد اذ انه لن يكلف الرئاسة أي تعديل عكس بكري وغندور الذين يحتاجان الى تغيير في الاطار العام لمهام كل منهما.
علي كرتي:
اصرار البشير المحافظة على (علي كرتي وزيراً للخارجية) يؤكد اصرار البشير المضي قدماً في ذات السياسة الخارجية والعلاقات مع ايران واغلاق ملفات الغرب وامريكا (بالضبة والمفتاح) وهو امر استغرب له جدا اذ بابعاد (صقور المؤتمر الوطني المتشددة) كنت اتوقع انفتاحا ولو تدريجياً وتغيير في السياسة الخارجية وهو ما تظهره التشكيلة القادمة. ولكن الابقاء على ذات السياسة الخارجية قد يعطي مؤشرين اما ان الدولة لم تع حتى اللحظة ان كل المآزق الاقتصادية هي نتاج للسياسة الخارجية. والمؤشر الاخر هو ان كل ما تم من تعديلات ما هو الا مظهر لجوهر قادم لان تغيير (الاشخاص) مع الابقاء على (السياسات) يعني البقاء في مربع رقم 1 لحين اشعار آخر.


شاركه على جوجل بلس

عن حمدى صلاح الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

1 التعليقات:

  1. تحليل رائع -ومازلت الايام المقبلة حبلي بالكثير مما تم الاتفاق عليه
    في انتظار المقال الثاني استاذ حمدي

    ردحذف