مانديلا، إفريقيا تطفيء القناديل
كنت اتابعها منذ
شهور عديدة مضت. كانت تتجمل وتتزين إستعداداً لاستقبال حدث ما. كنت أراها في كامل
اناقتها بقوامها الفارع، لونها الأبنوسي وديسها المتهدل على جانبيها. كنت وما زلت
وسأظل أحبها. أتأمل جسدها الحريري وفي أحايين كثيرة أمد يمناي لأتلمس الشلوخ،
النقرابي، المشاط، السكسك والملاءة اللف. كنت كأني اقف امام متحف فني.
قامت بوضع كل
القناديل ذات مساء في صف واحد ووضعت امام كل قنديل (الفتيلة والزيت). كانت تتحرك
بأنوثة طاغية غير آبهة بسارقي النظر عبر فتحات القش الذي يسور منزلها المترامي.
وهناك كان
مانديلا يحتضر. نعم يحتضر. مساءات
الخميس جمعت ابناءها ال54 واجتمعت بهم قائلة:
هل تعلمون الرجل
الذي يحتضر؟
قالوا: نعم:
قالت: هل تعلمون
ماذا قدم لافريقيا وللانسانية؟
قالوا: نعم.
قالت: هذه
القناديل لكم مادمتم تعلمون . وليبارك الله لي فيكم. ثم بدأت تصفف شعرها المبعثر
في عناية. تتجمل وتتزين مرة اخرى.
كانت تحب روايات
جينوا اجيبي وادب نجيب محفوظ تحب سماع المباريات بصوت عصام الشوالي وتحتفي بالهضبة
الاثيوبية. كانت تفتخر بكوفي عنان وبطرس بطرس غالي وام كلثوم وجيمي فوكس. تضحك من
اداء عادل امام وتبكي مع الفخراني وهدى سلطان. كانت تفتخر بسنغور وعبدالناصر
وتهاجر مع طير وردي المهاجر.
صباحات الجمعة
نهضت (افريقيا) بكل القها وبريقها و اناقتها تدعو ابناءها ال54 الاستعداد ل (اطفاء
القناديل) بعد ان نعى الناعي مانديلا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق