الكهرباء و المياه، قضايا امن دولة
لم تتمكن وزارة الكهرباء هذا العام من التغلب علي ثلاثية (انخفاض مناسيب النيل، ازدياد نسب الطمي والاستخدام الكثيف للكهرباء و المياه من قبل المواطن) وهذه الثلاثية ظلت وطوال عقود سبباً رئيسياً في ضعف الامداد الكهربائي و المائي في السودان في موسم الصيف.
غياب المنهج العلمي وغياب الدراسات وغياب التدابير الاحترازية و الخطط البديلة افرز معاناة هذا العام يمكن ان توصف بانها الاكبر فطيلة الاعوام الخمسة الماضية ظل التيار الكهربائي والامداد المائي في حالة استقرار ملحوظ نوعاً ما الا هذا العام.
المواطن ظل يعيش حالة من الفوضي في تلقي الامداد الكهربائي والمائي وطيلة الشهر الماضي وزادت وتيرة القطوعات للكهرباء والمياه في الخمسة عشر يوماً الماضية. يحدث ذلك في بلد يضم بين ثناياه اطول نهر في العالم (نهر النيل) وسد من اضخم السدود في افريقيا (سد مروي) مما يشير الي ان ما يجري هو (سوء ادارة للموارد) ولا اجد تسمية له غير هذه التسمية. انه لعمري امر محزن ومخجل ومخزي ان تظل بعض احياء ولاية الخرطوم بلا مياه لمدة خمسة عشر يوماً في انقطاع كامل في بعض الاحياء وجزئي في البعض الاخر فاحياء مثل الفتيحاب وسوبا والازهري –بحسب صحافة الخرطوم الصادرة الاسبوع الماضي – ظلت في حالة انقطاع شبه دائم للمياه .ومؤخراً زادت وتيرة انقطاع التيار الكهربائي بمعدل مرتين الي ثلاث مرات في الاسبوع في عدد من احياء الخرطوم.
(لعل السيد الوزير) لم يعش تجربة ان يكون في معيته مريض سكري او مريض كلي او مريض سرطان او مريض يعيش علي اجهزة تعمل بالكهرباء ليتكرر انقطاع التيار الكهربائي عليه ودرجة الحرارة تفوق ال42.
(لعل السيد الوزير) لم يعش تجربة ان يكون في معيته كبار السن ممن هم فوق الثمانين او صغار السن الرضع ممن هم دون الثانية ليتكرر عليهم انقطاع التيار الكهربائي ودرجة الحرارة تفوق ال42.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان عدد كبير من احياء ولاية الخرطوم تشرب من (الابار) وانقطاع الكهرباء لهذه الفترات يعني انقطاعاً مزدوجاً للكهرباء والمياه لان غالبية الابار تعمل بالكهرباء. دعك من سؤال لماذا تشرب هذه الاحياء من الابار مع انها احياء تبعد اقل من ثلاثة كيلو مترات من النيل الرئيسي. هذه قصة اخري سنعود اليها.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان بعض النساء في منطقة سوبا قمن بتذويب مخلفات الثلاجة لصنع (ملاح افطار رمضان) بعد الانقطاع المزدوج للكهرباء و المياه.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان مربعاً سكنياً كاملاً في قاع المدينة قد يعتمد علي (ثلاجة ديب فريزر) يملكها احد سكان المربع وبالاقساط فيقوم كل واحد بوضع انائه صباحاً في مشهد تكافلي بديع بعد ان وصل ثمن لوح الثلج الي اربعين جنيهاً.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان اعلام المواطن وشبكات التواصل الاجتماعي سهلت من مهمة نقل المعلومات والحقائق و الارقام فبوستات الفيس بوك وتغريدات تويتر وقروبات الواتس اب تؤكد ان الخرطوم اثرت ان (تتصحر) يوماً بعد يوم بدلاً عن ان (تتسحر).
(لعل السيد الوزير) لا يعلم اننا نقرأ عن احتفال برلين بمرور خمسين عاماً دون ان يقطع التيار الكهربائي ولا ثانية واحدة ونقرأ عن اقالة وزير الكهرباء الياباني بعد انقطاع التيار الكهربائي عن طوكيو العاصمة لست دقائق فقط. كان ذلك في القرن الماضي.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان المواطن السوداني صبر علي الغلاء الطاحن وعلي سياسات الانقاذ العرجاء وعلي العلاج المدفوع والتعليم المدفوع وسيف المحليات المسلط علي الرقاب ولم يتبق له من فرع يستمسك به غير الخبز والنيل بكهربته ومياهه.
(لعل السيد الوزير) لم يقرأ تقارير اداء ادارة الكهرباء ايام مكاوي وكيف تمكن مكاوي من تجاوز هذا المطب الصيفي بنسب تفوق ال90% عبر حزم حلول فشلت ادارة الوزير الحالي في ملامسة واقعها.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان برميل المياه من (الكارو) وصل ثمنه الي 100 جنيه في بعض الاحياء و80 جنيها في مناطق اخري. وبحساب بسيط فان 100 جنيه في 30 يوم تساوي 3ملايين جنيه ولا اعتقد ان موظفاً بالقطاع العام او الخاص يصرف هذا المبلغ اصلاً حتي ينفقه علي برميل قد يكفي اليوم وقد لا يكفي.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان الفتيحاب خرجت في احتجاجات سدت الطرق الرئيسية قبل رمضان بايام –بحسب صحافة الخرطوم- وان جبرة جنوب خرجت اول ذي امس في احتجاجات ضمت الرجال والنساء وهم يرددون (عايزين مويه). شيء مؤسف ان يصبح حلم مواطن ولاية الخرطوم جرعة ماء يسد بها الرمق.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان قطوعات الكهرباء والمياه المتكررة تمس (امن الدولة) فالقطع المتكرر مع الغلاء الطاحن يدفع المواطن دفعاً للخروج في احتجاجات كما حدث في الحلفايا وشمبات الحله والكلاكلات قبل عامين او يزيد. وهذا الاحتجاج يخلق مواجهة من عدم بين المواطنين والشرطة مواجهة تزعزع الاستقرار وتخلق حالة من الشحن الزائد بين المواطن والدولة..
الوزير نفسه صرح لصحافة الخرطوم قبل شهر تقريباً بان (لا قطوعات مبرمجة للكهرباء هذا العام). ليعود ذات الوزير مساء امس ويطالب المواطنين بان يتحملوا قطوعات قادمة وان يتعاونوا مع ادارة الكهرباء.
علي الرغم من وجود نفس هذه المشاكل (الطمي، انخفاض مناسيب النيل والاستخدام الكثيف للمياه والكهرباء من قبل المواطن) الا ان ادارة مكاوي تمكنت من حسم هذا الملف فكان استقرار الامداد الكهربائي بنسب تفوق 90% وبعض مشكلات المياه هنا وهناك. لكن هذا العام الوضع اسوأ واردأ بمراحل.
التلكؤ والتباطؤ في محاسبة المتسببين في انتاج هذه الازمة وعدم اتخاذهم التدابير لمعالجتها فور حدوثها وبهذه الصورة وفي هذا التوقيت جعل الازمة تستفحل اكثرفخرجت الفتيحاب في احتجاجات قبل رمضان بعدة ايام. الاحتجاجات التي اوردتها صحافة الخرطوم. وخرجت جبرة جنوب اول امس رجالاً ونساء وجبرة تهتف (عايزين موية .. عايزين موية)..
من اكبر سوءات الانقاذ غياب المحاسبة والردع وهو ما افرز جفوة بين (المواطن) و (الدولة). جفوة تزداد يوماً بعد يوم. فازمات الخريف والكهرباء والمياه ظلت تتكرر كل عام وبطريقة اسوأ من سابقتها حتي وصل حال الخريف ان دمر 123 الف منزل بشرق النيل قبل عامين. الخريف النعمة الذي تحول الي نقمة .
الامر فاق حد الاحتمال. شهر اعتقد انه كاف لاقالة الطاقم العامل علي امر الكهرباء و المياه في بلد يضم اطول نهر في العالم وسد من اضخم السدود في افريقيا.
لم تتمكن وزارة الكهرباء هذا العام من التغلب علي ثلاثية (انخفاض مناسيب النيل، ازدياد نسب الطمي والاستخدام الكثيف للكهرباء و المياه من قبل المواطن) وهذه الثلاثية ظلت وطوال عقود سبباً رئيسياً في ضعف الامداد الكهربائي و المائي في السودان في موسم الصيف.
غياب المنهج العلمي وغياب الدراسات وغياب التدابير الاحترازية و الخطط البديلة افرز معاناة هذا العام يمكن ان توصف بانها الاكبر فطيلة الاعوام الخمسة الماضية ظل التيار الكهربائي والامداد المائي في حالة استقرار ملحوظ نوعاً ما الا هذا العام.
المواطن ظل يعيش حالة من الفوضي في تلقي الامداد الكهربائي والمائي وطيلة الشهر الماضي وزادت وتيرة القطوعات للكهرباء والمياه في الخمسة عشر يوماً الماضية. يحدث ذلك في بلد يضم بين ثناياه اطول نهر في العالم (نهر النيل) وسد من اضخم السدود في افريقيا (سد مروي) مما يشير الي ان ما يجري هو (سوء ادارة للموارد) ولا اجد تسمية له غير هذه التسمية. انه لعمري امر محزن ومخجل ومخزي ان تظل بعض احياء ولاية الخرطوم بلا مياه لمدة خمسة عشر يوماً في انقطاع كامل في بعض الاحياء وجزئي في البعض الاخر فاحياء مثل الفتيحاب وسوبا والازهري –بحسب صحافة الخرطوم الصادرة الاسبوع الماضي – ظلت في حالة انقطاع شبه دائم للمياه .ومؤخراً زادت وتيرة انقطاع التيار الكهربائي بمعدل مرتين الي ثلاث مرات في الاسبوع في عدد من احياء الخرطوم.
(لعل السيد الوزير) لم يعش تجربة ان يكون في معيته مريض سكري او مريض كلي او مريض سرطان او مريض يعيش علي اجهزة تعمل بالكهرباء ليتكرر انقطاع التيار الكهربائي عليه ودرجة الحرارة تفوق ال42.
(لعل السيد الوزير) لم يعش تجربة ان يكون في معيته كبار السن ممن هم فوق الثمانين او صغار السن الرضع ممن هم دون الثانية ليتكرر عليهم انقطاع التيار الكهربائي ودرجة الحرارة تفوق ال42.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان عدد كبير من احياء ولاية الخرطوم تشرب من (الابار) وانقطاع الكهرباء لهذه الفترات يعني انقطاعاً مزدوجاً للكهرباء والمياه لان غالبية الابار تعمل بالكهرباء. دعك من سؤال لماذا تشرب هذه الاحياء من الابار مع انها احياء تبعد اقل من ثلاثة كيلو مترات من النيل الرئيسي. هذه قصة اخري سنعود اليها.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان بعض النساء في منطقة سوبا قمن بتذويب مخلفات الثلاجة لصنع (ملاح افطار رمضان) بعد الانقطاع المزدوج للكهرباء و المياه.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان مربعاً سكنياً كاملاً في قاع المدينة قد يعتمد علي (ثلاجة ديب فريزر) يملكها احد سكان المربع وبالاقساط فيقوم كل واحد بوضع انائه صباحاً في مشهد تكافلي بديع بعد ان وصل ثمن لوح الثلج الي اربعين جنيهاً.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان اعلام المواطن وشبكات التواصل الاجتماعي سهلت من مهمة نقل المعلومات والحقائق و الارقام فبوستات الفيس بوك وتغريدات تويتر وقروبات الواتس اب تؤكد ان الخرطوم اثرت ان (تتصحر) يوماً بعد يوم بدلاً عن ان (تتسحر).
(لعل السيد الوزير) لا يعلم اننا نقرأ عن احتفال برلين بمرور خمسين عاماً دون ان يقطع التيار الكهربائي ولا ثانية واحدة ونقرأ عن اقالة وزير الكهرباء الياباني بعد انقطاع التيار الكهربائي عن طوكيو العاصمة لست دقائق فقط. كان ذلك في القرن الماضي.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان المواطن السوداني صبر علي الغلاء الطاحن وعلي سياسات الانقاذ العرجاء وعلي العلاج المدفوع والتعليم المدفوع وسيف المحليات المسلط علي الرقاب ولم يتبق له من فرع يستمسك به غير الخبز والنيل بكهربته ومياهه.
(لعل السيد الوزير) لم يقرأ تقارير اداء ادارة الكهرباء ايام مكاوي وكيف تمكن مكاوي من تجاوز هذا المطب الصيفي بنسب تفوق ال90% عبر حزم حلول فشلت ادارة الوزير الحالي في ملامسة واقعها.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان برميل المياه من (الكارو) وصل ثمنه الي 100 جنيه في بعض الاحياء و80 جنيها في مناطق اخري. وبحساب بسيط فان 100 جنيه في 30 يوم تساوي 3ملايين جنيه ولا اعتقد ان موظفاً بالقطاع العام او الخاص يصرف هذا المبلغ اصلاً حتي ينفقه علي برميل قد يكفي اليوم وقد لا يكفي.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان الفتيحاب خرجت في احتجاجات سدت الطرق الرئيسية قبل رمضان بايام –بحسب صحافة الخرطوم- وان جبرة جنوب خرجت اول ذي امس في احتجاجات ضمت الرجال والنساء وهم يرددون (عايزين مويه). شيء مؤسف ان يصبح حلم مواطن ولاية الخرطوم جرعة ماء يسد بها الرمق.
(لعل السيد الوزير) لا يعلم ان قطوعات الكهرباء والمياه المتكررة تمس (امن الدولة) فالقطع المتكرر مع الغلاء الطاحن يدفع المواطن دفعاً للخروج في احتجاجات كما حدث في الحلفايا وشمبات الحله والكلاكلات قبل عامين او يزيد. وهذا الاحتجاج يخلق مواجهة من عدم بين المواطنين والشرطة مواجهة تزعزع الاستقرار وتخلق حالة من الشحن الزائد بين المواطن والدولة..
الوزير نفسه صرح لصحافة الخرطوم قبل شهر تقريباً بان (لا قطوعات مبرمجة للكهرباء هذا العام). ليعود ذات الوزير مساء امس ويطالب المواطنين بان يتحملوا قطوعات قادمة وان يتعاونوا مع ادارة الكهرباء.
علي الرغم من وجود نفس هذه المشاكل (الطمي، انخفاض مناسيب النيل والاستخدام الكثيف للمياه والكهرباء من قبل المواطن) الا ان ادارة مكاوي تمكنت من حسم هذا الملف فكان استقرار الامداد الكهربائي بنسب تفوق 90% وبعض مشكلات المياه هنا وهناك. لكن هذا العام الوضع اسوأ واردأ بمراحل.
التلكؤ والتباطؤ في محاسبة المتسببين في انتاج هذه الازمة وعدم اتخاذهم التدابير لمعالجتها فور حدوثها وبهذه الصورة وفي هذا التوقيت جعل الازمة تستفحل اكثرفخرجت الفتيحاب في احتجاجات قبل رمضان بعدة ايام. الاحتجاجات التي اوردتها صحافة الخرطوم. وخرجت جبرة جنوب اول امس رجالاً ونساء وجبرة تهتف (عايزين موية .. عايزين موية)..
من اكبر سوءات الانقاذ غياب المحاسبة والردع وهو ما افرز جفوة بين (المواطن) و (الدولة). جفوة تزداد يوماً بعد يوم. فازمات الخريف والكهرباء والمياه ظلت تتكرر كل عام وبطريقة اسوأ من سابقتها حتي وصل حال الخريف ان دمر 123 الف منزل بشرق النيل قبل عامين. الخريف النعمة الذي تحول الي نقمة .
الامر فاق حد الاحتمال. شهر اعتقد انه كاف لاقالة الطاقم العامل علي امر الكهرباء و المياه في بلد يضم اطول نهر في العالم وسد من اضخم السدود في افريقيا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق