البشير، لاست مان ستاندينغ
وعلي طريقة النجم الهوليودي (بروس ويلس) في رائعة (ولتر هيل) المسماة (لاست مان ستاندينغ) يقف الرئيس السوداني منفرداً بالسلطة بعد 26 عاماً من زواج سياسي جمع العسكر بالاخوان.
ويجيء انفراد الرئيس السوداني عمر البشير - 70 عاماً – بالسلطة بعد اربع مفاصلات محورية قضت في نهايتها بتنصيبه حاكماً (منفرداً) للسودان وممثلاً (اسمياً) للمؤتمر الوطني.
بدأت المفاصلات في الرابع من رمضان - اوائل تسعينيات القرن الماضي - بعد ثورة (الحيران) علي (شيخهم) فذهب الترابي معارضاً مكوناً حزباً جديداً باسم (المؤتمر الشعبي) وبقي الحيران متمترسين حول السلطة و بريقها. ثم جاءت مفاصلة الدكتور غازي صلاح الدين الذين اقيل هو الاخر من قيادة (الكتلة البرلمانية للمؤتمر الوطني) بعد تصريحه المثير الذي اشار فيه بصريح العبارة الي (عدم دستورية ترشح البشير في انتخابات 2015م). فنحي غازي – هو الاخر – نحو نهج عرابه بتكوين حزب جديد اختار له اسماً وسطياً اصلاحياً ممنياً النفس بقيادة اصلاح داخل تيارات الحركة الاسلامية راغباً في استقطاب قطبيها المتشدد و الوسطي عبر اهدافه التي ثبتها علي بنود تاسيس (الاصلاح الان).
ثم جاءت المفاصلة الثالثة باقالة الجناح المتشدد داخل المؤتمر الوطني في ما درج علي تسميته (مجزرة التشكيل الوزاري الاخير) الذي قضي بخروج الطاقم الرئاسي كاملاً و 76 وزيراً شكلوا عضم المشهد السياسي السوداني لعقدين من الزمان. الجناح المتشدد داخل الوطني الذي درج مراقبون علي تسميته (صقور الوطني) ظل ثابتاً علي ايدلوجيا الاخوان - بحسب مراقبين – مما ادي الي دخول السودان في سلسلة مشاكل اقتصادية وعزلة سياسية و حظر دولي ادت جميعها الي تقهقر و تراجع مستمرين في وضعية السودان في محيطه الاقليمي و الدولي.
المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني شهد مفاصلة رابعة (ناعمة) قضت بابعاد المكتب القيادي للوطني من مشهد الحزب العام اعقبتها التعديلات الدستورية الاخيرة التي خولت للرئيس تعيين و اعفاء الولاة وشاغلي المناصب القيادية والدستورية فتحلل الرئيس من قبضة المكتب القيادي الذي كان يشكل حجرعثرة امام خطواته الاصلاحية بحسب محللين اسلاميين اشاروا الي ذلك تلميحاً في صحافة الخرطوم بداية الالفية الحالية.
المفاصلة الاخيرة بين (الرئيس) و (المكتب القيادي) تعتبر الاعنف والاقوي رغم نعومتها فالمكتب القيادي للوطني - الذي ظل يمثل حجر الزاوية في تشكيل المشهد السياسي السوداني لاكثر من عشرين عاماً - هو الهيئة المخول لها اتخاذ اصعب القرارات واكثرها تعقيداً دون الرجوع لهيئات الحزب الاخري. وقرارته تعتبر ملزمة لممثل الحزب في الدولة.
الصراع المكتوم بين (البشير) و (المكتب القيادي) طفا الي السطح فالاخير ظل حجر عثرة امام الاول فامامه تكسرت كثير من قرارات الاول الاصلاحية وكان اخرها رفض المكتب القيادي طلباً للبشير باقالة كل من قضي دورتين في الجهاز التنفيذي او التشريعي للدولة فرفض المكتب القيادي طلب البشير فقام البشير – بعدها بعام واحد – باقالة طاقمه الرئاسي كاملاً و76 وزيراً اسلامياً في خطوة اعتبرها مراقبون اقرب الي (الصدام المباشر) بين البشير(المتقوي بالمؤسسة العسكرية) و المكتب القيادي (المتقوي بشوري المؤتمر الوطني).
واكد مراقبون ان التنظيم المؤسسي القوي للمؤتمر الوطني – كحزب – اضافة الي عدم وجود بديل جاهز يخوض الانتخابات باسم الوطني شكلا عاملين جعلا المؤتمر الوطني (يطيح) بمكتبه القيادي و (يحتفظ) بالبشير. فظهر (المجلس القيادي للمؤتمر الوطني) – كهيئة – ظهر متألقاً في المؤتمر العام الرابع و اختفي اسم (المكتب القيادي للمؤتمر الوطني) و تساءل عدد كبير من الصحافيين انذاك عن (المكتب القيادي) و ظهور (المجلس القيادي) الا ان كل الاجابات كانت تدور حول (توسيع المشاركة). اجابات لم تقنع الصحافة التي كانت تعرف ما يدور خلف الكواليس وتريد تصريحاً تبني عليه التحقيقات و التقارير الاخبارية الا ان تكتم قيادات الوطني و مهارتهم في المراوغة فوتت الفرصة علي الاعلاميين الذين رابطوا لخمسة ايام خارج اسوار المؤتمر العام. الا ان الصحافة – وبشطارتها- لم تخرج من مولد المؤتمر العام الرابع للوطني بدون حمص فابرزت تصريح البشير الاخير في ختام المؤتمر العام الرابع ك (مين شيت) وبنت عليه تقاريرها و تحقيقاتها. التصريح الذي قال فيه البشير (لن نسمح بوجود مراكز قوي داخل المؤتمر الوطني) كان كافياً للاشارة الي جملة خلافات داخل الوطني اطاحت بنافع و علي وغازي و قيادي الوطني علي التوالي .
التعديلات الدستورية الاخيرة اضافة الي ظهور (المجلس القيادي للمؤتمر الوطني) كهيئة تسيدت ساحة المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني بدلاً عن (المكتب القيادي) كلها مؤشرات اكدت افول نجم المكتب القيادي للوطني وانتهاء الجولة بالضربة القاضية لصالح البشير.
و بحسابات اخري يري مراقبون ان ما حدث اخيراً يعد (انقلاباً ناعماً) فالبشير اصبح يحكم الدولة السودانية باسم (المؤتمر الوطني) و لكن لا سلطة للمؤتمر الوطني علي البشير بعد التعديلات الدستورية الاخيرة و افول نجم المكتب القيادي للوطني فكل اوراق اللعبة الان في طاولة البشير ليقدم المؤتمر الوطني بذلك نموذجأ لنظام حكم ديكتاتوري اختاره طوعاً عبر نفق (اخف الضررين). ديكتاتورية قد يدفع ثمنها الوطني بعد ان وضع كل (البيض) في سلة (البشير).
وبحسابات التغيير فهناك فريقان فريق يري ان التغيير يجب ان يقتلع نظام البشير اقتلاعاً بينما يري فريق اخر ان (الانقاذ) يجب ان تكون جزءاً من الحل في عملية التغيير علي اعتبار ان الوطني امسك بكل مفاصل الدولة. وبحسب الفريق الثاني فان (انفراد) البشير بالسلطة ووقوفه ك(اخر الرجال) من بقايا زواج (العسكر و الاخوان) يضع الحصان امام العربة في عملية التغيير خصوصاً بعد حزمة الاجراءات الاخيرة التي اتخذها البشير باغلاق المراكز الايرانية وعدم دعوة اخوان مصر وحماس للمؤتمر العام الرابع للوطني وانفتاح الخليج التدريجي علي السودان اضافة الي دعوة امريكا لغندور لزيارتها فكل هذه اجراءات لم يتمكن الوطني – في ظل وجود صقوره المتشددة – من وضعها علي الارض و طيلة عقدين من الزمان الا بعد انفراد البشير بالسلطة.
"‎البشير، لاست مان ستاندينغ 

وعلي طريقة النجم الهوليودي (بروس ويلس) في رائعة (ولتر هيل) المسماة (لاست مان ستاندينغ) يقف الرئيس السوداني منفرداً بالسلطة بعد 26 عاماً من زواج سياسي  جمع العسكر بالاخوان. 

ويجيء انفراد الرئيس السوداني عمر البشير -  70 عاماً – بالسلطة  بعد اربع مفاصلات محورية قضت في نهايتها بتنصيبه حاكماً (منفرداً) للسودان وممثلاً (اسمياً) للمؤتمر الوطني.  

بدأت المفاصلات في الرابع من رمضان - اوائل تسعينيات القرن الماضي - بعد ثورة (الحيران) علي (شيخهم) فذهب الترابي معارضاً مكوناً حزباً جديداً باسم (المؤتمر الشعبي) وبقي الحيران متمترسين حول السلطة و بريقها. ثم جاءت مفاصلة الدكتور غازي صلاح الدين الذين اقيل هو الاخر من قيادة (الكتلة البرلمانية للمؤتمر الوطني) بعد تصريحه المثير الذي اشار فيه بصريح العبارة الي (عدم دستورية ترشح البشير في انتخابات 2015م). فنحي غازي – هو الاخر – نحو نهج عرابه بتكوين حزب جديد اختار له اسماً وسطياً اصلاحياً ممنياً النفس بقيادة اصلاح داخل تيارات الحركة الاسلامية راغباً في استقطاب قطبيها المتشدد و الوسطي عبر اهدافه التي ثبتها علي بنود تاسيس (الاصلاح الان). 

ثم جاءت المفاصلة الثالثة باقالة الجناح المتشدد داخل المؤتمر الوطني في ما درج علي تسميته (مجزرة التشكيل الوزاري الاخير) الذي قضي بخروج الطاقم الرئاسي كاملاً و 76 وزيراً شكلوا عضم المشهد السياسي السوداني لعقدين من الزمان. الجناح المتشدد داخل الوطني الذي درج مراقبون علي تسميته (صقور الوطني) ظل ثابتاً علي ايدلوجيا الاخوان - بحسب مراقبين – مما ادي الي دخول السودان في سلسلة مشاكل اقتصادية وعزلة سياسية و حظر دولي ادت جميعها الي تقهقر و تراجع مستمرين في وضعية السودان في محيطه الاقليمي و الدولي.
المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني شهد مفاصلة رابعة (ناعمة) قضت بابعاد المكتب القيادي للوطني من مشهد الحزب العام اعقبتها التعديلات الدستورية الاخيرة التي خولت للرئيس تعيين و اعفاء الولاة وشاغلي المناصب القيادية والدستورية فتحلل الرئيس من قبضة المكتب القيادي الذي كان يشكل حجرعثرة امام خطواته الاصلاحية  بحسب محللين اسلاميين اشاروا الي ذلك تلميحاً في صحافة الخرطوم بداية الالفية الحالية. 

المفاصلة الاخيرة بين (الرئيس) و (المكتب القيادي) تعتبر الاعنف والاقوي رغم نعومتها  فالمكتب القيادي للوطني - الذي ظل يمثل حجر الزاوية في تشكيل المشهد السياسي السوداني لاكثر من عشرين عاماً - هو الهيئة المخول لها اتخاذ اصعب القرارات واكثرها تعقيداً دون الرجوع لهيئات الحزب الاخري. وقرارته تعتبر ملزمة لممثل الحزب في الدولة. 

الصراع المكتوم بين (البشير) و (المكتب القيادي) طفا الي السطح فالاخير ظل حجر عثرة امام الاول فامامه تكسرت كثير من قرارات الاول الاصلاحية وكان اخرها  رفض المكتب القيادي طلباً للبشير باقالة كل من قضي دورتين في الجهاز التنفيذي او التشريعي للدولة فرفض المكتب القيادي طلب البشير فقام البشير – بعدها بعام واحد – باقالة طاقمه الرئاسي كاملاً و76 وزيراً اسلامياً في خطوة اعتبرها مراقبون اقرب الي (الصدام المباشر) بين البشير(المتقوي بالمؤسسة العسكرية) و المكتب القيادي (المتقوي بشوري المؤتمر الوطني). 

واكد مراقبون ان التنظيم المؤسسي القوي للمؤتمر الوطني – كحزب – اضافة الي عدم وجود بديل جاهز يخوض الانتخابات باسم الوطني شكلا عاملين جعلا المؤتمر الوطني (يطيح) بمكتبه القيادي و (يحتفظ) بالبشير. فظهر (المجلس القيادي للمؤتمر الوطني) – كهيئة – ظهر متألقاً في المؤتمر العام الرابع و اختفي اسم (المكتب القيادي للمؤتمر الوطني) و تساءل عدد كبير من الصحافيين انذاك عن (المكتب القيادي) و ظهور (المجلس القيادي) الا ان كل الاجابات كانت تدور حول (توسيع المشاركة). اجابات لم تقنع الصحافة التي كانت تعرف ما يدور خلف الكواليس وتريد تصريحاً تبني عليه التحقيقات و التقارير الاخبارية الا ان تكتم قيادات الوطني و مهارتهم في المراوغة فوتت الفرصة علي الاعلاميين الذين رابطوا لخمسة ايام خارج اسوار المؤتمر العام. الا ان الصحافة – وبشطارتها-  لم تخرج من مولد المؤتمر العام الرابع للوطني بدون حمص فابرزت تصريح البشير الاخير في ختام المؤتمر العام الرابع ك (مين شيت) وبنت عليه تقاريرها و تحقيقاتها. التصريح الذي قال فيه البشير (لن نسمح بوجود مراكز قوي داخل المؤتمر الوطني) كان كافياً للاشارة الي جملة خلافات داخل الوطني اطاحت بنافع و علي وغازي و قيادي الوطني علي التوالي . 

التعديلات الدستورية الاخيرة اضافة الي ظهور (المجلس القيادي للمؤتمر الوطني) كهيئة تسيدت ساحة المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني بدلاً عن (المكتب القيادي)  كلها مؤشرات اكدت افول نجم المكتب القيادي للوطني وانتهاء الجولة بالضربة القاضية لصالح البشير. 

و بحسابات اخري يري مراقبون ان ما حدث اخيراً يعد (انقلاباً ناعماً) فالبشير اصبح يحكم الدولة السودانية باسم (المؤتمر الوطني) و لكن لا سلطة للمؤتمر الوطني علي البشير بعد التعديلات الدستورية الاخيرة و افول نجم المكتب القيادي للوطني فكل اوراق اللعبة الان في طاولة البشير ليقدم المؤتمر الوطني بذلك نموذجأ لنظام حكم ديكتاتوري اختاره طوعاً عبر نفق (اخف الضررين). ديكتاتورية قد يدفع ثمنها الوطني بعد ان وضع كل (البيض) في سلة (البشير). 

وبحسابات التغيير فهناك فريقان فريق يري ان التغيير يجب ان يقتلع نظام البشير اقتلاعاً بينما يري فريق اخر ان (الانقاذ) يجب ان تكون جزءاً من الحل في عملية التغيير علي اعتبار ان الوطني امسك بكل مفاصل الدولة. وبحسب الفريق الثاني فان (انفراد) البشير بالسلطة ووقوفه ك(اخر الرجال) من بقايا زواج (العسكر و الاخوان) يضع الحصان امام العربة في عملية التغيير خصوصاً بعد حزمة الاجراءات الاخيرة التي اتخذها البشير باغلاق المراكز الايرانية وعدم دعوة اخوان مصر وحماس للمؤتمر العام الرابع للوطني وانفتاح الخليج التدريجي علي السودان اضافة الي دعوة امريكا لغندور لزيارتها فكل هذه اجراءات لم يتمكن الوطني – في ظل وجود صقوره المتشددة – من وضعها علي الارض و طيلة عقدين من الزمان الا بعد انفراد البشير بالسلطة.‎"
  •  Write a comment...