بسم الله الرحمن الرحيم
سبتمبر و الخيانة العظمي
(260 شهيداً سقطوا في 48 ساعة في اربع ولايات سودانية) هكذا تناقلت
وكالات الانباء العالمية الخبر وانات الثكالي واهات الارامل ونحيب الامهات يملأ
سماوات الخرطوم. الخرطوم التي ظنت لوهلة انها (عاصمة بربرية غجرية تترية) يقتل
فيها الانسان وبدم بارد على يد (قاتل محترف) لايفرق بين الحق و الباطل ويعمل
اصابعه المتشحة بالقفاز في الصدور و الرؤوس بلا رحمة ولا هوادة.
260 شهيداً تواترت روايات شهود العيان ان غالبيتهم من طلاب الثانوي والجامعات السودانية وشباب في
عمر الزهور و قليل من موظفين و عمال.
وعلى الرغم من اعتراض وزير الداخلية السودانية انذاك – الباشمهندس
ابراهيم محمود حامد – على الرغم من اعتراضه الا ان شهود عيان وصور فيديو وصور
فوتوغرافية رفعها ناشطون علي شبكات
التواصل الاجتماعي اكدت وجود قناصة على اسطح البنايات كانوا يصوبوا
اسلحتهم تجاه القلب والرأس وبلا رحمة.
كل تصريحات المسؤوليين السودانيين وصفت شهداء سبتمبر ب(الضحايا) في
اسقاط واضح لدماء الشهداء فوزراء الداخلية والاعلام ووالي الخرطوم اضافة الي اجهزة
الدولة الرسمية (التلفزيون والاذاعة) كانت تسمي الشهداء ب(الضحايا) في كل نشراتها
واحاديثها الصحافية في اسقاط وسقوط كبيرين الي ان خرج الرئيس السوداني عمر البشير
وفي اول خطاب له بعد الاحداث في حفل الاكاديمية العسكرية بالخرطوم ترحم في بداية
خطابه على (ارواح شهداء سبتمبر). تلك الجملة من قمة راس الدولة حركت خيالات
المحللين والمراقبين الذين اكدوا عدم رضاء (الرئيس) عن (كيفية التعامل مع
المتظاهرين) واكدوا ان (تحت النار وميض) وذهبوا الي تفسيرات احمد يونس (مراسل
الشرق الاوسط بالخرطوم) الذي اكد في تقرير سابق له ان البشير سيطيح باخوان
السودان.
وسواء ان (رضي الرئيس) عن طريقة تعامل بطانته مع المتظاهرين او (لم
يرض) في النهاية هو المسؤل عن كل قطرة دم
سالت ومثال (بغلة الشام) لا زال يعشعش في
الاذهان ان (اعدلوا هو اقرب للتقوي).
وقد (نسي) الوزير و الوزير والوالي او (تناسوا) تفسير (كلمة حق امام
سلطان جائر). نسوا او تناسوا صحايباً قال لثاني اثنين اذ هما في الغار (لنقومنك
بالسيف). (نسوا) او (تناسوا) ان الجور قد عم السودان عبر الاتاوات، الضرائب،
التمكين، الصالح العام، الفساد المالي، الفساد الاداري المحسوبية والدماء الطاهرة التي اريقت وتراق كل عام .
تلك الجملة من الرئيس السوداني
عضدت الانباء التي رشحت عن ان دكتور نافع علي نافع – احد صقور المؤتمر
الوطني المتشددة وكان وقتها مساعداً لرئيس الجمهورية – هو الذي وضع (الشرطة والجيش
والامن) في الثكنات واخرج (المرتزقة والقناصة) ليحصدوا ارواح ابناء السودان.
(اللوموند الفرنسية) وفي عددها الصادر احد صباحات اكتوبر اكدت ان عدد
الشهداء صحيح واكدت ان الفاعل ليس قوة نظامية سودانية (شرطة – امن – جيش) ذاهبة
الي تحليل نفسي بعيد ان المجتمع السوداني مجتمع عاطفي يتشارك فيه المواطن مع
الشرطة افطارات رمضان في نسيج مجتمعي بديع ولن يكون الشرطي بتلك القسوة لمجرد (فض تظاهرة)
اضافة الي تحليلها بان الشرطي السوداني لم ولن يجد التدريب الكافي ليصيب 260 في
الراس والقلب مباشرة وذهبت (اللوموند) الي ان القتلة (عصابات محترفة) استعان بها
النظام السوداني لسبب او لاخر واعاد اطلاقها ابان التظاهرات ملمحة الى ان بعض شهود
العيان رأوا جنودا يتحدثون اللغة الفرنسية وينتمون الي دول غرب افريقيا في شارع
الستين في ضاحية الرياض بالخرطوم.
وعطا
– قائد جهاز الامن والمخابرات الوطني- يبدو انه لم يقرأ فصول (ظلال) لسيد قطب والتي
يتحدث في احد فصولها عن (طريقة عرض القصة في القرآن الكريم) حيث يقول قطب ان احدي
طرق عرض القصة في القرآن هي (اخفاء السر عن البطل و كشفه للنظارة) وقدم مثالاً من
سورة القلم (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ
وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20). فنحن كنظارة نعرف السر
بينما البطل نائم لا يدري . هذا كان حال عطا وهو يقف علي سطح سيارته متحدثا عبر مكبر الصوت امراً القوات بعدم اطلاق الرصاص
الحي. ونحن نعرف وعطا لا يعرف انهم لا يتحدثون
العربية بل الفرنسية وبطلاقة تامة.
(العصابات المتفلتة) التي ظهرت في الخرطوم وروعت الآمنين - بعد انسحاب
مبرمج للقوات النظامية السودانية عشية المظاهرات - كان سقوط اخلاقي كبير للحاءات الثلاثة (الحركة
الاسلامية – حزب المؤتمر الوطني والحكومة السودانية) فسحب القوات النظامية من الشارع وترك المساحة
لعصابات متفلتة (بقصد او بدون قصد) لتعوث الفساد في الارض ضربا وسلبا ونهبا وتقتيلاً في المواطنيين حتي تصل
الحاءات الثلاثة الي هدف معين وهو (نحن احق بالحكم وبغيابنا يغيب الامن) هذا
الموقف كفيل بوضع الانقاذ في خانة
(الخيانة العظمي) فالذي يعمل على (قتل ابناء وطنه) و يعمل علي (ترويع الامنيين وهو
قادر علي حمايتهم) و الذي يعمل على (القتل في موضع كان بامكانه استخدام وسائل اقل عنفاً بدرجات) لا صفة
له غير الوصم ب (الخيانة العظمي). وان لم يجدها علي محاكم الارض التي تمور
بالموازنات فسيحفظها التاريخ تماماً كما حفظ الرواة عن هولاكو وهتلر وشاوسسكو . ازمنة مختلفة وحضارات
اكثر اختلافاً و المآل واحد (توبة ضائعة و غفران ينشد ولا يدرك).
(الشرطة لم تطلق ولا رصاصة واحدة) وزير الداخلية مرة اخري وافادات شهود عيان لبعض الفضائيات اكدت اطلاق الشرطة للرصاص الحي ضد المتظاهرين واياً كان . عزيزي
الوزير الهمام ان مهمة الشرطة ليست (اطلاق الرصاص في وجه العزل الابرياء) وانما
مهمتها (الكشف عن من اطلق الرصاص في صدور ورؤوس العزل الابرياء) فاحرق فؤاد 260
اسرة وجعلها تتجرع المر في نهارات سبتمبر. ولو كان ابن السيد الوزير احد القتلي لتجرع
الوزير العلقم جراء فقد فلذة الكبد و لعرف الوزير حينها فقط كيف يعرف (من اطلق
الرصاص الحي نحو الصدور والرؤوس) .
نتساءل هنا هل عدم الكشف عن مطلقي الرصاص نتيجة ل(عجز شرطي) ام ان
(مطلقي الرصاص يقف وراءهم من هو اعلي نفوذاً من الشرطة ودفاتر تحقيقها)؟
قتل 260 متظاهر في 48 ساعة
حدث لم تشهده الخرطوم في غابر تاريخها او حاضره . ارواح ابناء السودان
وضعتها الانقاذ علي المحك ولعبت وتلاعبت بارواح المواطنيين فحسب افادات شهود عيان
اكدوا ان سيارات الشرطة رفضت التدخل لفض اشتباك هنا او حماية طلمبة بنزين هناك بحجة
(لا تعليمات عندنا بالتحرك) في مشهد مبتذل ومسيء للشرطة قبل ان يكون مسيئاً
للدولة.
عام كامل مضي ولم نشهد (عدلاً اقيم ) ولا (مشانق نصبت) وتعليق الامم
المتحدة علي تقرير السودان عن (احداث سبتمبر) جاء بتذييل ان (التقرير غير اخلاقي).
سبتمبر الماضي درس لمن يعتبر
. درس للانقاذ و عليها . درس لاهل القانون ومنظمات المجتمع المدني. درس قلب نظريات
علم الاجتماع الذي تشير كل دراساته الي ان بكل مجتمع (يغلب الصالح على الطالح) الا
في حالة (اهل الانقاذ) . اذن علي علماء الاجتماع مراجعة نظرياتهم ودراسة حالة (اهل
الانقاذ) الذين غلب عليهم (الطالح) ولم نر
منهم ( صالحاً) اعترف بذنب سبتمبر او استقال او تنحي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق