(تكريم الوالي) ، (ادب الجبهة) و (حيرة دعاة التغيير)


               في اواسط تسعينيات القرن الماضي – وكنت وقتها اتلمس خطى تدريس اللغة الانجليزية – بدأ (أدب الجبهة) في الظهور على السطح عبر اغاني على شاكلة (من دغيشاً بدري قوم نعبي السفر ) ، (الدبابين اسود الغابة) و( نحن الطلبة يا البشير نعمل غلبة يا البشير ) .
          و (أدب الجبهة) مصطلح سيحفظه التاريخ مثله مثل (ادب مايو) اتفق الناس حوله ام اختلفوا. و اذكر رواية تحكى من (الحدائق الخلفية للميديا) انه وبعد انقلاب هاشم العطا – الذي لم يدم سوى ايام معدودات – غني الراحلان ميرغني المامون واحمد حسن جمعة ( هاشم العطا صحح الخطا) ويقصدون الراحل نميري طبعاً . وبعد عودة نميري – بالدبابة طبعاً – استدعى الراحلين وعنفهما على الاغنية فعاد الراحلان الى استوديو كرومة لينشدا ( هاشم العطا جانا بالخطا) وهي رواية غير معروفة المصدر ولا استطيع الجزم بصحتها . المهم في الامر ان الحكام العرب يخاطبون غرائز الرجل الشرقي (من جماسة الى جنس الى اخره) وايضاً  تستغل المخابرات الغربية ضعف الرجل الشرقي اما شهواته فتقوم بتجنيد الفنانات والممثلات لمخاطبة غرائز العسكر وانتزاع المعلومات في الليالي الحمراء و في ذلك شواهد كثيرة يضيق المجال بحصرها .
          و (أدب الجبهة) كان يخاطب (روح الحماسة) في السوداني عبر ايقاعات التمتم و السيرة و امتد من الطلبة ليصل الى الفنان محمد بخيت ومحمد الحسن قيقم و كثيرون تحفظهم دفاتر التاريخ. ثم جاء بعد ذلك (ادب الحشود) ليتغلغل كفكرة في وجدان جيل التسعينيات ويصبح -  مع بزوغ فجر القرن الجديد – كسلوك بشري جماعي حتى في الملمات غير السياسية ولغير المنتمين للمؤتمر الوطني .
          الاستاذ جمال الوالي رجل خير ورجل سمح الخصال وقدم للرياضة الكثير وشعبيته وسط قواعد المريخ اعرفها جيداً منذ فترات عملي في الاذاعة الرياضية. وانا هنا لا اتحدث عن الرجل وانما اتحدث عن ماهية التكريم.
        السير اليكس فيرجسون الذي منحته الملكة فيكتوريا لقب (سير) عام 1999م ( وهو اعلى لقب تحصل عليه شخصية عامة في بريطانيا) عندما اعتزل التدريب اعتزل في مباراة دورية عادية نصبت منصة ثم تبودلت الكلمات وذرفت الدموع وغادر السير وسط تصفيق الحضور . ولم يحضر الحفل لا  الملكة ولا رئيس الوزراء  - ديفيد كاميرون -  ولا وزير الرياضة ولا حتى عمدة لندن .
       وتصويت برنامج ( صدى الملاعب) الذي فاز عبره الاستاذ جمال الوالي بلقب (اكثر رئيس نادي عربي شعبية) للاسف ليس تصنيفاً معترفاً به من أي جهة احصائية عربية او اقليمية او دولية  وانما هو تصنيف لبرنامج (جماهيري) في قناة نسبة مشاهدتها عالية . فقيمة البرنامج الفنية و (جماهيرية البرنامج) لا تمنحة صيغة (الاعتراف باحصائياته) و العكس صحيح. 
        اما ان يقوم رئبس الجمهورية ورتل من الوزراء و المستشارين بحضور الحفل امر لا ارى له مبرر على الاطلاق - في ظل الاحصائية غير المعتمدة -  وهل لو كان الفائز من نادي اخر سيكون الحضور بذات الكثافة (على اعتباره نصر للسودان) ؟؟ ام ان الحضور من اجل (الاستاذ جمال الوالي) ام للكسب السياسي وسط جماهير المريخ ؟؟ .  وتبعاً لحضور رئيس الجمهورية تم تفعيل (الحشود) عبر تفعيل (السلوك البشري الجماعي الحشدي المكتسب ) .
        واكرر مره اخرى ان هذا الامر لايقلل من جماهيرية جمال الوالي وانما يطعن في مغزى ودلالات الحضور .
       و (دعاة التغيير ) سيجدون معاناة كبيرة لتغيير هذا السلوك (الحشدي) المكتسب في كل مجالات السوداني . سلوك مكتسب عبر 23عاماً فسيصبح من الصعب تغيير هذه الاحجية للتعامل مع سيكولوجية وايدولوجية (جيل الا عشر سنوات) ان صح ان الجيل يعدل 33عاماً. 
شاركه على جوجل بلس

عن حمدى صلاح الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق