زيارة البشير الى جوبا (قراءات)


            وجوبا التي استقبلت البشير بكرم الضيافة والسجاد الاحمر كانت تنظر اليه بثلاثة اعين : عين (اولاد قرنق) وعين (اولاد ابيي ) وعين (اولاد سلفاكير) والذين تتقاطع مصالحهم شرقاً و غرباً مع الهدف الاساسي لزيارة البشير لجوبا .
وفي اعتقادي الشخصي – وليس كل ما يعتقده المرء يكون صحيحاً – ان زيارة البشير لن تحرك  قطار علاقات الشمال مع الجنوب الى الامام لان (جذر المشكلة) قائم ولم يبارح مكانه . فالاشكال الاساسي – ورغم التوقيع على بروتوكولات اديس ابابا – قائم وهو يتمثل في :
1-   ترسيم الحدود والمناطق المختلف عليها ( المقينص – كاكا التجارية – حفرة النحاس و دبة الفخار ) والفصل فيها صعب جدا لتمسك الطرفين باحقيته في تبعية هذه المناطق الاربع له .
2-   قضية (ابيي) والجميع يعتقد انها قضية (بترول) ولكن على العكس فابيي لا تنتج الا حوالى 3الف برميل فقط ولكن قضية ابيي هي قضية انتماء جزء كبير من قيادات الحركة الشعبية لهذه المنطقة وتبعية منطقة ابيي للشمال سيتسبب لهم في مشكلة (اسقاط الجنسية الجنوبية عنهم ) و(رفض الشمال لهم ) على الاقل في الفترة الاولى وهذا ما يجعلهم يستميتون في تبعية ابيي للجنوب وهم قادة مؤثرين في الحركة الشعبية على رأسهم دينق الور – وزير خارجية حكومة الوحدة الوطنية الاسبق – وهذه المجموعة تسمى (اولاد ابيي ) وهي واحدة من ثلاث مجموعات تشكل مراكز قوى داخل دهاليز صنع القرار في الحركة الشعبية مع مجموعة (اولاد قرنق) التي كانت تتبنى فكرة السودان الجديد و خفت صوتها نوعاً ما بعد الانفصال و مجموعة (اولاد سلفاكير ) التي تتطرف بشدة  للانفصال  وتجد الدعم والسند من الغرب .
3-   عدم (فك الارتباط) بين الفرقتين التاسعة والعاشرة واللتان تتمركزان داخل الحدود الشمالية الى حد ما ويحتمي خلفهما عرمان و الحلو – قادة ما يسمى بقطاع الشمال – الذي لفظته الحركة الشعبية في (الظاهر) و تحتضنه في (السر).
4-   مواقف الخارجية السودانية المتذبذبة تجاه قضايا اقليمية ودولية و خطاب الدولة الاعلامي غير المتسق مع ما يدور في العالم وعلاقتها مع ايران  ( المغضوب عليها من العرب  قبل الغرب )  و- التي تثير التساؤولات - جعل السند الدولي للسودان ضعيفاً في المحافل الدولية وبالتالي (خفت) آليات الضغط على حكومة الجنوب في المحافل الدولية لتلعب الورق بارتياح بعد تجريد السودان من السند الدولي ( الخدمة التي تقدمها الخارجية السودانية لحكومة الجنوب بلا مقابل ) .
بالنسبة للاقتصاد الوطني ، الحديث عن انخفاض الدولار بعد بدء مرور بترول الجنوب عبر الشمال هو ذر للرماد في العيون فقيمة عملة اى دولة تقاس بقيمة الصادر امام الوارد (هذه نظرية تدرس لطلاب اولى اقتصاد) . وبعد فقد السودان ل75% من بتروله البالغ 500الف برميل – جراء الانفصال – يكون المتبقي حوالي 125الف برميل وهي لا تكفي حاجة البلاد الداخلية من المحروقات ومع انعدام صادر الصناعة والزراعة يصبح صادر السودان اقل من 5% والوارد يفوق ال90% من شتى احتياجات البلاد وبالتالي يصبح لا مجال لهبوط الدولار وارتفاع قيمة الجنيه الا بتعديل هذه المعادلة المقلوبة ليصدر السودان 90% ويستورد اقل من 10% من مجمل اجتياجات البلاد . او ان يقوم بنك النقد الدولي بمنح السودان قروض طويلة المدي ومعفاة من الارباح على غرار ما فعل مع قبرص واسبانيا واليونان ايام الازمة الاقتصادية وهو ما لن يحدث نظراً للعقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان . اذن المخرج بالنسبة للوضع الاقتصادي المتردي هو تفعيل الشقين الصناعي و الزراعي وبسرعة كبيرة جداً لزيادة حجم الصادر و تقليل حجم الوارد حتى ينصلح حال الجنيه .

عموماً لا اعتقد ان زيارة سلفاكير للخرطوم ستضيف جديدا طالما الطاولة تضج بالعديد من الملفات التي تتوسد اسفلها.
شاركه على جوجل بلس

عن حمدى صلاح الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق