ملامح ومقتطفات من زيارتي للمملكة



                 الساعة الخامسة مساء الاحد وصلت مطار الخرطوم استعداداً للمغادرة الى جدة لانجاز بعض المهام الخاصة . وصلت (رجل ورا ورجل قدام ) . فوبيا الطيران بدأت تطل برأسها بعد وداع مرافقي . المهم ، اكملنا الاجراءات جلسنا في صالة المغادرة  . جاء النداء بالصعود الى الطائرة عبر البوابة رقم ..... صعدنا وقبل اغلاق الابواب قام الكابتن بالتنويه الى ان هنالك سيدة فقدت جواز سفرها ودعا جميع الركاب لمراجعة جوازاتهم . بحث الجميع في الاوراق وتحت المقاعد دون جدوى . اخرجت السيدة واغلقت الابواب وتحركت الطائرة ووقفت في (خط الاختبار) استعداداً للاقلاع . فجأة وبدون مقدمات اوقف الكابتن المحركات ونوه عبر مكبر الصوت ( سنعود الى ممر الوقوف بأمر من السلطات السودانية ) وبدأ رحلة العودة الى (ممر الوقوف) . همست في اذن جاري : ( يبدو ان هنالك مشكلة ما ) . ثم بدأت استعرض أى اجزاء الطائرة تعرض للاحتراق . كل الافكار السيئة بدأت تتقافز الى رأسي . وضعت الشنطة جانباً ووقفت نظرت الى الجناحين والمحركين ( لا شيء يذكر ) . تفرست في وجوه الطاقم (لم اجد علامات انزعاج على الوجوه ) . لم اتمكن من رؤية الجناح الخلفي لعل العلة تكون به . نظرت من النافذة بحثاً عن سيارات اطفاء  او اسعاف او حالة استعداد تام ( الوضع طبيعي جداً ) . دخل الاطمئنان الى قلبي نوعاً ما . جلست في مقعدي . حمدت الله كثيراً اننا لم نقلع لأن الخسائر كانت ستكون اكبر . لكنني كنت اعلم تماماً ان اعادة طائرة من (خط الاختبار ) الى (ممر الوقوف) بأمر من البرج هو امر كبير بلا شك . فالطائرة لا تقف في خط الاختبار الا بعد اخذ الاذن بالاقلاع الذي يمنحه لها البرج بعد التأكد من خلو المدرج واجراءات اخرى معقدة جداً من احوال جوية وخلافه . فعاد القلق يتسرب الى نفسي مره اخرى . بدأت ابحث عن الاوردة والشرايين في يدي واضم كفي وافردهما ( حتى اسهل على الطاقم الطبي الارضي عملية تركيب الدربات والحقن المسكنة حال حدوث مكروه للطائرة لا قدر الله ) . قلت في نفسي : ( احسن الواحد يكون جاهز ويساعد الجماعة تحت ) . تذكرت هتافات جمهور السينما في الستينات – عندما لا يعجبهم الفيلم -  ( سينما اوانطه هاتوا فلوسنا ) فنحن ما زلنا على الارض (يعني ممكن الواحد يتفاصح شوية )  . جاري كان يقابل توتري بنظرة ساخرة لمحتها من طرف خفي . والطائرة تسير بهدوء تجاه ممر الوقوف اخرجت الزايموجين (عصارات هاضمة) وتناولت حبتين دفعة واحدة علها تنزل (الغصة) التي تقف في حلقي منذ تنويه الكابتن بالعودة الى ممر الوقوف .
                  توقفت الطائرة في ممر الوقوف واحاط بها عدد من سلطات المطار وقاموا بعملية اخلاء سريعة جدا لكل الحقائب من الجزء الاسفل للطائرة وقاموا بوضع سلمين على البوابتين الامامية والخلفية وعندها فقط وقف جميع من بالطائرة في حالة قلق وتوتر ( طيب من قبيل انا بقول في شنو ما قلنا ليكم الكلام ده ما طبيعي ) . الطاقم كان يقوم بالتهدئة (مافيش حاجة – اجراءات سلامة عادية ) . سلامة مين يا عم . لحظات توتر وصمت وقلق . بعدها اعيدت الحقائب واغلقت الابواب مره اخرى وتحركت الطائرة الى (خط الاختبار ) مرة اخرى وبدأت المحركات تدور بقوة والكابتن يختبر في الديسك امامه . امسكت المضيفة من يدها قائلاً : ( الحاصل شنو ؟ انتو شايلين غنم ولا بشر . مفترض الكابتن يخاطب الركاب باسباب التاخير والوضع اياً كان سيئاً ام جيدا . دي قواعد متبعة عالمياً .  المسافر لازم يكون ملم بأي تفاصيل طارئة تحدث في الطائرة ) .
قالت : الكابتن حا يتكلم بعد شوية .
قلت : يا عزيزتي الكابتن الان على ( خط الاختبار )  . اقل من دقيقة وتتم عملية الاقلاع . لازم نعرف قبل الاقلاع ممكن الواحد يغير رايو من الرحلة دي وينزل .
قالت : تنزل كيف ؟
قلت : انزل عديل كده . حا انزل كيف يعني  ولا اقول ليك كلام انتي افتحي الباب عشان تشوفي كيف بنزل . هو السفر بالقوة يعني . ارتسمت علامات دهشة على وجهها ثم غادرت . تأخر الاقلاع قليلا مره اخرى ثم جاء صوت الكابتن عبرمكبر الصوت ، كان يتحدث بسرعة قائلاً ( نعتذر عن تأخرنا ساعة كاملة . من المفترض ان نقلع 8:25 – الان 9:20 .التأخير كان لاجراءت سلامة عادية . السيدة التي فقدت جوازها بعد ان انزلناها سالناها هل لديك حقيبة في الطائرة  - ومع انزعاجها بسبب ضياع جواز سفرها  -  ردت بالنفي . وبعد ان استلمتها السلطات السودانية تأكدت السلطات السودانية بان للسيدة حقيبة داخل الطائرة فامرتنا بالعودة لاخراج الحقيبة تحوطاً . الان سنقلع . الرحلة ستستغرق ---- سرعة الرياح -------درجة الحرارة ----- ) ثم اقلع بلا تردد . وتبخرت – مع اقلاعه السريع هذا – كل احلامي في النزول .
مقتطفات من جدة :  
·         خمسة عشر يوماً قضيتها في جدة صادفت شتاء رقيقاً وناعماً . قضيتها في ضيافة شقيقي نزار – المقيم هناك منذ فترة طويلة – فتوزعت الايام وسط كرم الضيافة في جو سوداني امه الاهل والاحباب والاصدقاء .
·         ابن عمي  عبدالعليم علي بشير الهماك – رجل التسويق المحنك – كان معي لحظة بلحظة وزارني عدة مرات برفقة صديقيه .
·         صبري عيسى وزهير صديق ثنائي سوداني لا ينسى . ثنائي جميل الدواخل . شهامة ومروءة ودفء اسري وحميمية رائعة .
·         تواصلت مع الدكتور الانسان الطيب التكينة – المقيم بالرياض – عبر الهاتف ، الرجل مهموم بالوطن وبمستقبل الشباب وقدم لي دكتور الطيب حزمة من المقترحات اتمنى ان ترى النور في زيارته القريبة للسودان .
·         دكتور الطيب التكينة (من الرياض  ) والاذاعي الاستاذ كمال موسى سيد (من الرياض ) والاستاذ عبدالرحمن ابوالعزائم (من الخرطوم ) بادروا بالمساهمة في حل مشكلة السوداني المحتجز في (مستشفى الزهراء ) بجدة بعد ان قمت برفع المشكلة في مدونتي (بدون الوان ) يوم الثلاثاء 12/2/2013م . حيث تحرك دكتور الطيب التكينة صوب السفارة السودانية بالرياض ولخص المشكلة في خطاب للسفارة وقام الاستاذ كمال موسى سيد بالاتصال بالقنصلية في جدة وقام برفع القضية على صفحته الخاصة وعلى عدة صفحات اخرى واتصل ببعض الصحف السودانية وقام الاستاذ ابوالعزائم بتوجيه نداء لبعض الشخصيات والجمعيات التي تربطه بها صلة للمساعدة في حل المشكلة فلهم الشكر جميعاً وجعلها الله في ميزان حسناتهم .
·         دكتور لؤي عبدالعاطي والباشمهندس محمد نصر شكلا حضورا جميلاً معي وواصل الثاني بعد ان سافر الاول الي ماليزيا لحضور مؤتمر علمي هناك فلهما الشكر الجزيل .
·         سعدت جداً باتصالات ابن عمتي محسن السر العوض (الرياض ) ، الدكتور هايني محمد احمد سيد (سكاكا) ، الباشمهندس هشام (جدة) ، الدكتور الطيب التكينة (الرياض) والذي كان يتواصل معي يومياً ، ابن عمتي محمد عبدالمنعم فزع (الدمام) ، الاستاذ ايمن بشير (الرياض) ، مهند عبدالمنعم (الرياض) ، الباشمهندس مؤتمن يونس (نجران ) ، الدكتور محمد يونس (الرياض) ، الباشمهندس الوليد محمود (الرياض) ، الاستاذ اسامة عوض (الرياض) ، الباشمهندس سامر عمر احمد (الرياض) كما سعدت بالتواصل الاسفيري مع الاعلامي امير بشير والمصور عصام الدين والاذاعي عبدالمحسن فوجي (الدمام) وابن عمي احمد سليمان القدال (الخبر ) .كما سعدت باتصال الاعلامي والاديب هشام الطيب (صاحب مدونة شهيق) من سلطنة عمان وابن اختي داني غازي من سلطنة عمان ايضاً .  وسعدت اكثر بزيارة الباشمهندس فيصل السماني وصديقه محمد سمير وزيارة الدكتور عبدالرازق والاستاذ خضر والاستاذ ابوالمعالي ابراهيم وزيارة اخي وصديقي مهند الذي تكبد مشاق السفر من الرياض  الى جدة خميس وجمعة  . وسعدت بالتواصل مع الاستاذ محمود تميمي المحرر بصحيفة الوطن السعودية . وشكري الاف لسعادة النقيب معاش الشيخ /عبداللطيف الحوشبي الذي اصر على اعادتي من مكة الى جدة بسيارته الخاصة فالرجل حلف (على راس اولاده ) او كما قال . فلكم الشكر جميعا على هذا التواصل الجميل الذي اسعدني جدا .
·         الاعلامي الجميل امير بشير – عضو المكتب التنفيذي لملتقى الاعلاميين بالمملكة – والمصور الرائع عصام الدين والباشمهندس محمد الطيب لهم في عنقي جميل لا ينسى ففي رحلتي العام الماضي من جدة الى الدمام ومن ثم الى الهفوف كان عصام ومحمد الطيب حضورا في مطار الدمام واكملوا معي اجراءات السكن وسلموني صاحب ليموزين للتنقل اثناء تواجدهم في الدوام  وقام الباشمهندس  محمد الطيب بحل مشكلة الحجز الى جدة بعلاقاته الممتده فاول حجز كان بعد 15 يوم وكنت على ارتباط في جدة فتدخل محمد الطيب وتمكنا من الحجز بعد يومين بحمد الله وفضله وتوفيقه. اما الجميل امير بشير فكان معي ليومين كاملين بسيارته الخاصة في سياحة شرقية رائعة فلهم الشكر جميعا .
·         محمد على ، رمزي ، طلال ، مصطفى ، صدام ، ماجد ، فارس ، محمد ، محمد ، جميل من اليمن والبنغالي امير مجموعة تكدح من اجل (لقمة العيش ) ولتوفير وضع افضل لاهاليهم هم في قمة الاحترام والاخاء والتفاني في العمل .
·         صاحب محل الالكترونيات الباشمهندس انعام – من بورما – واللبناني يوسف صاحب محلات العطور والحلاق التركي والطبيب الهندي في المركز القريب منا والبوسني فردريك تبادلت معهم ونسة خفيفة عن عادات وتقاليد بلدانهم في الافراح والاتراح واشكال التكافل الاجتماعي والغربة في نظرهم واختلاف اجواء بلدانهم عن جو المملكة والاثار المترتبة على ذلك . كل تحدث باريحية وعبر بشكل جميل ومتفرد . كانت جلسات رائعة ساحاول استعراض هذه الحكايا في مساحات اخرى ان شاء الله .
·         شكري لكل من تكبد المشاق بالحضور لمطار الخرطوم مساءات الاحد الماضي عمي العزيز هاشم ، محمد ، منصور ، سعد ، مصطفى ، اسعد وشكري للملازم الرائع الذي لم يفارقني منذ وصولي وحتى خروجي من الصالة .

شاركه على جوجل بلس

عن حمدى صلاح الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق