معمل الابتكار


دفع عجلة التنمية من خلال الابتكار - لقطات من جامعة الخرطوم وجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا
١٣ينايو ٢٠١٣
             شهد الأسبوع الماضي  عدة ندوات ألقتها  فرق الابتكار في جامعتي  الخرطوم و السودان للعلوم والتكنلوجيا عن ( تطوير أنظمة الرصد الآني للبيانات بأستخدام تكنولوجيا الهاتف الجوال لدعم برامج التنمية )  بقيادة وزارتي ( التربية والتعليم العام  والصحة ) ، وبدعم من شركائهم ( منظمة اليونيسف ) . فريق جامعة الخرطوم يعمل على  (بناء نظام لرصد توزيع الأدوات المدرسية إلى المدارس الابتدائية )  في حين يعمل فريق جامعة السودان علي ( بناء نظام يدعم الجهود الوطنية لتحسين تغطية التطعيم الروتيني ) .
          تم تشكيل هذه الفرق كجزء من مشروع تجريبي لدراسة وأستكشاف فعالية نموذج   (معمل الابتكار  ) في الجامعات السودانية لدينا ، والتي طبقت بواسطة اليونيسيف في بلدان عدة من أنحاء العالم. في إيجاز، معمل الابتكار هو مساحة فعلية تسمح بالتعاون بين المنظمات والأوساط الأكاديمية، الحكومية وغير الحكومية، بالأضافة للقطاع الخاص. بعد الأنشاء يصبح معمل الابتكار إحدي المرافق الوطنية لبناء القدرات التكنولوجية محليا لدعم جهود التنمية الإنسانية. ويشمل المشروع إنشاء معملين لمدة 4 أشهر ل(١) بناء برمجيات لدعم  إحتياجات تُعتبر هامة لمكتب اليونيسف بالسودان؛ و (٢) إستخدام المعمل كآلية لبناء القدرات لفرق الابتكار في الجامعات المشاركة وأداة للمناقشة حول مستقبل التجربة و فعالية هذا النموذج لمساعدة اليونيسيف وكمرفق للبحث والتطوير بالجامعات.
                     بالتعاون مع الزملاء في كلية العلوم الرياضية (جامعة الخرطوم)، ومركز الحاسوب (جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا)، بدأ المشروع في أكتوبر 2012 بدعم مقدر من الدكتورين هشام ابو شامة ومحمد عوض ، من الجامعتين المذكورتين  على التوالي. ويستند المشروع على نموذج اليونيسف لمعامل الابتكار ونهجها في "التكنولوجيا من أجل التنمية" التي تقع ضمن زخم الحماس الدولي للاستفادة من التطورات في مجال الاتصالات والأنتشار السريع لتكنولوجيات الجوال لدعم أغراض التنمية. وتستخدم فرق المشروع الرسائل القصيرة الذي يطبقه نظام الRapidSMS  وهو برمجيات مفتوحة المصدر توفر امكانية جمع و تحليل البيانات لحظة بلحظة باستخدام الهواتف الجوالة. وقد تم تنفيذ التجربة في عدد من البلدان لتحسين تدفق المعلومات والوصول اليها في مختلف المجالات ، على سبيل المثال لتطوير سجلات المواليد والوفيات، متابعة الرعاية بعد الولادة و تغذية الطفل، وما إلى ذلك وفي أوغندا، يُدخل الأطفال في قاعدة البيانات الوطنية للمواليد في حال ولادتهم عن طريق تجربة تلك التقنية بواسطة  فريق معمل الابتكار الأوغندي وبعد نجاح التجربة تم تطبيفها وتوسيع نطاق عملها علي صعيدهم الوطني ، بينما في كوسوفو التي بها أصغر السكان في أوروبا، ينشط معمل الابتكار حول القضايا التي تواجه الشباب مثل البطالة ويقوم على سبيل المثال بتدريب الآف الشباب على المهارات التي تساعد على تحسين فرصهم في العمل. الجدير بالذكر ان لكل معمل ابتكار أولويات تحددها ظروف البلد المعني، ومن خلاله يعمل الشركاء من القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والأوساط الأكاديمية والوزارات الحكومية، والمجتمع المدني، والشباب المشارك علي إيجاد حلول لمواجهة التحديات الوطنية و الأكثر إلحاحا. الطابع الفريد لنهج معامل الابتكار المقترحة في السودان هي أن يتم إنشاؤها داخل الحرم الجامعي ولهذا النهج مزايا عدة تساعد غلي إستدامته مثل توفر الدعم التقني محليا بواسطة الأساتذة و المتخصصين  (إضافة إلي تلك التي تقدمها الشبكة العالمية لمعامل الابتكار)، وكذلك الاستفادة من التدفق المستمر من الخريجين المبدعين والعقول العصرية.
               عقدت ندوة الثلاثاء  - الثامن من يناير 2013 - في كلية العلوم الرياضية بجامعة الخرطوم بحضور السيد محمد أحمد عبد الله ، مدير إدارة التربية والتعليم الأساسي والسيد الجيلي الزين حمدون من من |إدارة تعليم الرحل، بمكتب التخطيط بوزارة التربية والتعليم العام. أيضا، كان من بين الحضور نائب مدير اليونيسف بالسودان، السيد راي فيرجيليو توريس، والسيدة لويز موفونو، رئيسة قسم التعليم باليونيسيف وخبراء التعليم بالقسم السيد دانيال بيهاتا والدكتور عبد الرحمن الدود ، فضلا عن جمع كبير من الطلاب من مختلف المستويات الدراسية. وقدم فريق معمل الابتكار التي يتألف من خمسة وعشرين (25) عضوآ من خريجي تكنولوجيا المعلومات وعلوم الكمبيوتر من كلية العلوم الرياضية، عرضآ لمدة ساعتين عن التقدم المحرز في بناء برامج لرصد توزيع الأدوات المدرسية الذي يتيح للمسئولين بوزارة التربية والتعليم العام على المستوى الاتحادي والولائي وشركائهم اليونيسيف تتبع عملية التوزيع حتى وصول الأدوات إلى المدرسة المعينة واستخدامها من قبل الأطفال في تلك المدرسة.
              ثم تلتها  ندوة الأربعاء  - التاسع من  يناير2013 - في كلية علوم الحاسب وتقنية المعلومات بجامعة السودان  بتشريف عميد مركز الحاسوب الدكتور محمد عوض وعدد من أساتذة الكلية، وكذلك بحضور كل من السيد خطاب عبيد من قسم الصحة في اليونيسف الذي يعمل بشكل وثيق مع البرنامج الوطني للتحصين الموسع، والسيد مايكل بوسيوركيو ، رئيس قسم الإعلام والعلاقات العامة والسيدة نهلة أبوعيسى خبيرة وسائل الاتصال. قدم فريق معمل الابتكار الذي يتكون من ثمانية عشر (18) عضوآ عملهم على تطبيق الهاتف الجوال التي يذكر الأمهات بمواعيد الجرعات المجدولة على بطاقة التطعيم الخاصة بهم. ومن المتوقع أن يساهم هذا النظام  فيتحسين معدلات التغطية والرصد لتحصين الأطفال ضد امراض الطفولة الستة (6) الرئيسية و التي تشمل السل وشلل الأطفال والدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي والحصبة.
            وتجدر الأشارة إلي انه  إذا ما نفذت البرامج المذكورة أعلاه على نطاق وطني، يمكنها توفير المعرفة المطلوبة (التنفيذية) لدعم عمليات صنع القرار للشركاء وأصحاب المصلحة من خلال جمع وتوفير البيانات والمعلومات وقد أحرز كلا الفريقين تقدما كبيرا في بناء البرامج المطلوبة ومن المقرر أن تنتج الإصدارات البرمجية والمستندات المصاحبة في فبراير عام 2013. وبعد تقييم للتجربة بواسطة مستشار اليونسيف وفي حالة الأتفاق بين الجهات ذات الصلة بالمشروع التجريبي التي تضم الجامعات و الوزارات بجانب اليونيسيف ، يمكن أن تنتقل التجربة إلى مرحلة التنفيذ الفعلي لمعامل الابتكار في الجامعات المشاركة. كما ورد علي لسان احد الزملاء من جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا عندما علق علي المشروع في ندوة سابقة قائلا  :(ان هذا المشروع هو عبارة عن "شكل من أشكال العبادة"  ) فهو كذالك من وجهة نظري ايضا اذ انه يعمل على توفير و تنظيم الخدمات العامة لأهلنا في أقاصي البلاد من خلال استخدام التكنولوجيات الملائمة مثل الهواتف الجوالة البسيطة التقنية. وأعجب الدكتور محمد عوض، مضيف المشروع في جامعة السودان و الذي كان يتابع عن كثب عمل الفريق بالانسجام والتنسيق بين أعضاء الفريق. وكيف لا اذ ان بناء فريق العمل وبسط التعاون بين افراده كان من نفس ذات الأهمية كما كان الأهتمام بمهارات هندسة البرمجيات في هذا المشروع ، لأهميتها البالغة  في حل مشاكل التنمية المتعددة الجوانب. كأستاذه جامعية في أغلب الأحيان، قد أعجبت أيما إعجاب بهؤلاء الشباب المشاركين في التجربة من تمكنهم من تعلم الأدوات والبيئة البرمجية الجديدة في وقت قصير جدا وإصرارهم علي تذليل الصعاب التي عادة ما تصاحب كل ما هو جديد، بل وأعجبت كثيرا بتعاونهم عبر اسوار جامعاتهم مع بعضهم البعض وتفعيل ما تعلموه في دراستهم (الشبة نظرية) عن هندسة ومعايير البرمجيات وادارة المشاريع والمعرفة، لحل مشكلة واقعية و إنسانية في المقام الأول ، بمهنية عالية.
         الفائدة الكبرى من هذا المشروع تكمن في صميم الهدف الأساسي من معامل الابتكار إذ يوفر مساحة تعاونية لحل المشكلات التنموية وإشراك كل من الشباب والتقنيين، ومن في الحكومة والقطاع الخاص، والمجتمع المدني. أيضا يمكن للمعمل أن يكون محفزا للبحث والتطوير في الجامعات وتوفير التدريب للشباب على المهارات المناسبة لسوق العمل بل وتمكين الدولة من قدرة الاستجابة المحلية للاحتياجات التنموية الملحة. فمن خلال زراعة ثقافة الابتكار و المبادئ الأنسانية مثل الإنصاف ، يمكن أن يكون المعمل وسيلة لإيجاد طرق جديدة لمواجهة الصعوبات التي تواجه الدول النامية وكذلك لطرح طرق جديدة للعمل سويآ. كما نعلم أن لليونيسف وشركاؤها تاريخ طويل في إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة للتحديات التي تواجهها في ميدان العمل و الذي يعود إلى عام ١٩٥٠ وادوات القابلات الاولى  وكذلك الشباب الذين يشكلون فرق الابتكار في جامعتي الخرطوم والسودان ، هم يسيرون على خطى أسلافهم الذين ابتكروا شبكات الري وصنع الحديد منذ آلاف السنين ، فبوجود قيادة مستقرة ودعم من أصحاب المصلحة، وبالتخطيط الجيد والمرونة في مواجهة الشدائد، يمكن لمعمل الابتكار دفع عجلة التنمية فعليآ وتوظيف الحكمة الجماعية في حل مشاكلنا، بدءا بأكثر الناس حرمانا.

د. غادة كدودة
منسق المشروع التجريبي لمعامل الابتكار ؛ مستشارة اليونسيف لأستخدامات التكنولوجيا لأغراض التنمية

تنويه:
الآراء التي أعربت عنها الكاتبة قد لا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو سياسات اليونيسيف.
شاركه على جوجل بلس

عن حمدى صلاح الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق