دكتور تيتاوي و المشير طنطاوي

      دكتور تيتاوي و المشير طنطاوي
     في فترة من الفترات تصادف ان قمت بالتسجيل  في ثلاث دورات تدريبية ، واتصلوا علي جميعاً في وقت واحد ( جامعة الخرطوم - كيمبريدج ومركز اثير للتدريب ) . المهم هذا الوضع الاستثنائي استلزم مني ان احزم حقائبي وارحل الى منزل عمتي التي سافرت للامارات و اصبح  المنزل بلا رقيب وتبقى (منها حراسة ومنها دراسة ) ويا بخت من نفع و استنفع . رحلت حتى اكون قريباً واتنقل بسهولة بين الكورسات الثلاثة . توطدت علاقتي بشباب الحي وعدت امارس كرة القدم وهواية ركوب الدراجة (ام جنزير) بعد 15 عاماً من الانقطاع. 
       احد شباب الحي اصيب بالملاريا والالتهاب وتم حجزه بالمستشفي -ومع زحمة برنامجي اليومي - وجدت متسع من الوقت بعد الساعة الواحدة صباحاً هاتفت شقيقه فافادني بانهم( صاحين ما ناموا لسه ). وجدتها فرصة استلفت دراجة ود الجيران وذهبت الى المستشفى. دخلت الى الاستقبال . دفعت للحارس ببطاقة اتحاد الصحافيين (عسى ولعل تكون لي هادياً للدخول والخروج بسرعة) . الحارس كان وحيداً ومتثائباً وتبدو عليه علامات الارهاق . تمعن في البطاقة جيدا ثم قلبها (عدلة و قلبة) ثم قال لي بامتعاض : دي الاداك ليها منو ؟؟ 
(اغتظت جدا من السؤال وطريقة القاء السؤال ). 
قلت : الاتحاد العام للصحافيين السودانيين . 
(مط شفتيه ثم اضاف متثائباً و يده في فمه ): وده منو الماضي اسمو ده ؟ 
قلت : ده تيتاوي . 
قال :  تيتاوي ده اخو طنطاوي . ؟؟ 
قلت : والله يا خي ما بعرف اخوانو .                                                        ثم اضفت : طنطاوي ده منو ؟؟ 
قال : بتاع الدفاع المصري بجيبوهو في التلفزيون كل يوم . 
قلت : لا يا مان داك مصري وده سوداني . تيتاوي ده (نقيب) الصحافيين .
قال : الصحافيين كمان عندهم (نقيب) ؟؟؟ بقيتو توزعو الرتب عليكم يا ملكية. الله يدينا خيركم . اها انت داير شنو بالضبط ؟؟ 
قلت : داير ازور صديق راقد عندكم هنا . 
قال : عشان بكرة تلقى الجرايد كلها المستشفى ما فيها اوكسجين وما فيها دوا وتجيب لينا الهواء ؟؟ داير تزور صديق . دي علي انا . 
(اعجبتني بساطة وبراءة اسلوب الرجل .  لقيت نفسي قدام (زول عكليتة) قررت اتجرجر معاهو شوية ) .
قال : اقعد في الكرسي داك لمن الكمندان يجي - ده زاتو ما وكت زيارة - في زول بيزور ليهو مريض الساعة 2 صباحا.                                                        ( قعدت وقلت ليهو معاك حق والله) . 
( تأمل في البطاقة مرة اخرى وقلبها عدله وقلبه ) . 
فاجـأني بقوله : متنكر كمان - والله دي قصة . 
قلت : متنكر كيف يعني ؟؟
قال : لا مش الصورة - متنكر جاي بي عجلة . زي الصحفية المشت بيت خليل ابراهيم يوم البكاء متنكره بي نقاب  (يقصد الزميلة بصحيفة السوداني ) . 
ضحكت ..
قلت :يا شيخنا في زول بتنكر بي عجلة . الداير يتنكر بيعمل شنب او دقن او جلابية وعمة او يحني ضهرو او يلبس نقاب لكن يتنكر بي عجلة دي ما سمعت بيها والله . 
قال : طيب فسر لي صحفي - لابس بنطلون جينز وتي شيرت وساعة ونظارة وجزمة ماشاء الله وراكب عجلة - معناها شنو - نحن عندنا حس امني يامان - بنفهمه وهي طايرة . 
قلت : والله دي اقرب وسيلة نقل لقيته قدامي .  
قال : انت شغال في ياتو جريدة ؟ 
قلت : حالياً ما شغال في اي جريدة -
( وضع البطاقة  على الطاولة - وكأنما وجد الكنز - و اقترب مني باسماً وقال  في سخرية ولهجة انتصار حادة : حا افتح ليك  93 اجراءات) . 
تراجعت الى الخلف مستفسراً : ايه يعني  93 اجراءات ؟؟؟
 اضاف  بلهجة يعلوها الظفر: (انتحال شخصية).
لم اصدق مايقول وبدأت تدور في رأسي كل المعلومات عن (انتحال الشخصية) وعقوبتها ال6 شهور سجن الى 3 سنوات واصابني قلق  من عدم وجود ضامن الساعة الثانية صباحاً الزول ده لو ركب راسو حا يجهجني . استعدت لهجتي الصارمة  نوعاً ما وقلت:                                                                                           كيف يعني ؟؟انتحلت شخصية منو ؟؟ انت داير تلبسني تهمه بس و السلام ولا حكايتك شنو ؟؟؟
قال : ما شغال في جريدة وحايم بي بطاقتك دي . 
قلت : عادي - ممكن محامي يكون عندو بطاقة اتحاد المحامين ويكون في اجازة وشغال اي حاجة تانية . انت نفسك لمن تكون في اجازة بيشيلوا بطاقتك - مش بتكون حايم بيها وممكن تتدخل تحل اي مشكلة . 
(تبسم ثم وضع رجلاً فوق الاخرى و اشعل سيجارة)  ثم  قال بفخر  :    انا امس  نازل من اجازة وفي الاجازة لقيت شكلة في الفرن رفعتهم كلهم لي قسم الشرطة -  40 راجل ومره . 
قلت : بس نفس الشى . 
بعد قليل سمعت صياح : انتباااااااه  - ( وقف مستعجلاً – القى بالسيجارة بعيداً - عدل من وضع الحزام والطاقيه وانتصب تماماً . لم ابارح مقعدي - دخل رجل طويل يحمل رتبة كبيرة - حياه - ثم دخل ) التفت الى :                                                 ما وقفت مالك يا زول - ده القائد بتاعنا ؟  
قلت : انت مش ما بتعترف بي نقيبنا تيتاوي ؟ انا نفس الشى ما بعترف بي قائدكم- ويقيفوا ليهو لي شنو عليك الله شوف البلد دي والغلاء الحاصل ده ؟ 
قال : اهااااا  داير تخرمج صاح  ؟؟؟ مرت فترة صمت . 
ثم عاد الصوت : انتباااااااااااااه – ( وقف متعجلاً  مرة اخرى وصلح هندامه . تعمدت الا اقف . الزائر مد يده الى مصافحاً)  ثم سألني:  في مشكلة يا سيد ؟                                                                        قلت : ابداً . اجراءات دخول عادية ...                                                                                 ثم اضفت (ضاحكاً ) : العسكرى اتهمني باني متنكر لاني راكب عجلة                                      سالني الفريق : شغال وين ؟                                                                    قلت : صحافي .                                                                             قال للعسكري : ياخ الصحافيين ديل احبابنا وبيعكسوا نشاطنا للمجتمع.     ثم التفت الي مضيفاً : وقصة العجلة دي شنو ؟؟                                                              قلت:  والله يا جنابو الوقت متاخر والمستشفى قريبة استلفت عجلة اولاد الجيران قلت اصل بيها سريع .                                                                                ضحك – ودعني ثم قال  للحارس  : دخل الاستاذ يزور صديقو وبعد يطلع ما تخلوهو يرجع بي العجلة - رجعوهو بي العربية .                                                  ثم صافحني  مرة اخرى مودعاً وغادر هو  ودخلت انا الى الاستقبال .
( تذكرت ان العسكري العكليتة حا يصر يركبني عربية الدورية تنفيذا للتعليمات - هرولت نحو سيارة الفريق حتى يصدر تعليماته ان اعود بدراجتي وادركت كيف سيكون الموقف  في حالة عودتي بسيارة الدورية  ولكني وجدته قد غادر - توكلت على الحى الدايم ودخلت - زرت صديقى وعند الخروج مررت بالاستقبال )  .                                                 قلت  : سلام عليكم (وهممت بالمغادرة دون انتظار رد) . 
قال الحارس :  وين يا فردة - سعادتو قال يرفعو عجلتك في العربية ويوصلوك البيت . 
قلت : لا لا مافي داعي يا مان - انت تعبان وورديتك انتهت - امشي الحق ناس البيت . 
قال : انت داير ترفدني يا زول . 
 قلت : يا زول ما ماشي معاكم بمشي براى . 
قال : هو علي كيفك - تركب ولا نركبك بالقوة ثم صاح : عسكري يا عسكري 
دخل عسكريين بدل واحد . 
قال : اها رايك شنو ؟ 
(وحتى لا اصدر ضجة والموضوع يكبر) 
قلت : بركب 
وركبت وعلى بعد 3 شوارع من البيت  اوقفتهم  - نزلت الدراجة وودعتهم . يلا سلام . 
قال : وين يا فردة ؟ 
قلت : اها تاني في شنو ؟ 
قال اديني تلفونك 
قلت : يا زول اختاني احسن ليك . 
ضحك ثم اردف : بختك وصلت بيتكم بي سيارة الشرطة . لو كتبت في الجريدة نزل اسمي بالجمبة . 
قلت ليهو : جدا. 
سلام 
سلام    

شاركه على جوجل بلس

عن حمدى صلاح الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

1 التعليقات:

  1. و الله دي قصة كوميدية ..اضحكتني جداٌ
    :) تيتاوي دا اخو طنطاوي هههه

    ردحذف