المؤتمر العام للتعليم ، هل من مجيب ( مقال عن التعليم نشر بصحيفة الجريدة - عدد اليوم الثلاثاء 21فبراير - صفحة رقم 8 )


بسم الله الرحمن الرحيم

 المؤتمر العام للتعليم ,هل من مجيب؟

*بقلم / حمدى صلاح الدين

                 بحكم خبرتى المتواضعة -  التى امتدت لحوالى الخمسة عشر عاما -  فى مجال التدريس فى مراحله المختلفه -  أود  فى  هذه المساحة أن أقدم بعض الملاحظات التى اتمنى أن تجد أذناً صاغية من الخبراء الذين سيديرون مؤتمر التعليم العام المزمع انعقاده اواخر الشهر الجارى .

سأحصر  حديثى  فى  ستة محاور وهى : (السلم التعليمى , الطريقة الكلية , المنهج, المعلم المدرب , امتحانات مرحلة الاساس , المناشط المدرسية ).

1/ السلم التعليمى :  نظام ثمانى سنوات لمرحلة الاساس عليه  كثير من المآخذ اجملها فى النقاط الاتية :

 أ- وجود أعمار متباينة داخل سور واحد خلف العديد من الاشكالات منها ماهو عدوانى ومنها ماهو اخلاقى.( 6سنوات – 14 سنة ) .

ب -  فى حالة رسوب التلميذ فى امتحانات مرحلة الاساس يواجه بمشكلات عديده بالنسبه للاعاده لان التلميذ يكون قد بدأ فعلياً  الدخول فى طور المراهقه  الأول وهى مرحلة تحتاج الى كنترول من الاسره والمدرسة لأن نسبة الانحراف والانزلاق فيها كبيرة جداً .  وغالباً  ما تكون الإعاده  فى معاهد بعضها غيرمنضبط  (من حيث الحضور والغياب) او مدارس مسائيه حظها فى الحضور والغياب ضعيف ايضآ.
وعلى العكس تمامآ  فنظام (الاربع سنوات للاساس) أو(الست سنوات للابتدائى) يتيح للتلميذ (الراسب)  امكانية الإعادة فى ذات الاجواء السنيه فهو لم يتعد ( الأحد عشر عاماً )  وبالتالى  تحكم الاسره   والمدرسة  يكون اسهل عليه لان  بينه وبين طور المراهقه  ثلاث سنوات على اقل تقدير .
ج -  عامل نفسى آخر هو وجود  تلميذ لفترة  ثمانى سنوات فى مدرسه واحده وذات الزملاء /ت المعلمين /ت العاملين /ت تجعل التلميذ يدور فى حلقه واحده لفتره ثمانى سنوات وهذا يفقده ميزة( التغيير ) من حيث الوجوه  والمبانى  و البيئه  و بالتالى ينعكس ذلك  سلبأ  فى  ادائه الاكاديمى ويحصر افق التلميذ  ويكبح جماح روح التطلع و المعرفه فى نفسه . 
                          .
2/ الطريقه الكليه :

         الطريقه الكليه المتبعه فى تدريس الصف الاول هى اس بلاء التعليم فى السودان , فى اعتقادى الشخصى , وعلى الرغم من محاولات بعض المعلمين والمعلمات المزج بين الطريقتين (الجزئيه والكليه) الا أن اثرها السلبى يظهر بوضوح عند وصول التلميذ للصف الرابع حيث يكتشف الجميع (المدرسه والمنزل)عدم مقدرة التلميذ على القراءة والكتابة على الرغم من احرازه تقدير ممتاز اوجيد جداً  فى الصف الثالث.
       الطريقه الكليه تحصر وتضيف افق التلميذ وتجعله يعطل (عقله) ليستخدم اسلوب (المقارنه) بين مادرس وما هو امامه و بالتالى تحول التلميذ الى (آله)عكس الطريقة الجزئيه التى تعلم التلميذ الحروف اولاً ثم تترك له المجال لعمليه (التهجى) و قراءة أصعب الجمل باستخدام اسلوب التهجئه .( غالبية التلاميذ الذين وصلوا الصف الرابع باستطاعتهم الاجابة على اى سؤال عن اى مادة – شفهياً – اما تحريرياً فيواجهون  مشكلة كبيرة فى القراءة والكتابة ) .

3/ المنهج:  منهج مرحلة الاساس الحالى يحتاج لاعادة صياغة فى الكتير من مواده , ملاحظاتى كالاتى :

أَ- دمج (الجغرافيا والعلوم  والتاريخ ) فى كتاب تحت اسم  (الانسان والكون) بدعه أثبتت فشلها التام وقصر نظر مبتدعيها وهنا تبرز عدة اسئلة :  لماذا تغيب الجغرافيا (كمادة قائمة بذاتها فى مرحلة الاساس ) , ثم تعود لتظهر فى المرحلة الثانوية والجامعة وتمنح لها درجات عليا( ماجستير , دكتوراه ) مع العلم بأن مرحلة الاساس توضع فيها
 اللبنة الاولى لكل العلوم  ثم يتم التوسع فى الثانوى والجامعة .

ب- منهج اللغه الانجليزية عقيم وكسيح  ولايطور التلميذ ويفتقر لمقومات تنمية المهارات وغياب الادب الانجليزى والمكتبات اثقل كاهل المشكلة وعندما قررت وزارة التعليم العام اعادة كتب الادب الانجليزى للصفين السابع والتامن , كان يجب تغيير منهج اللغه الانجليزية الحالى اولاً  قبل الدفع بالكتابين  حتى يواكب المنهج احتياجات كتابى الادب الانجليزى فيكملان بعضهما البعض  وهذا لم يحدث , لذا – فى اعتقادى الشخصى - ان  طرح كتابى الادب الانجليزى فى ظل وجود معلم غير مدرب وغير متخصص اضافه الى منهج محتواه لايواكب محتوى الكتابيين أمر يحتاج لاعادة النظر فيه .

ج- لماذا تم تغيير مادة (التاريخ)الى (نحن والعالم المعاصر) لتعود لتظهر فى المرحلة الثانوية باسم (التاريخ) وفى الجامعه تخصص قائم بذاته  تمنح فيه الدرجات العليا . لماذا نضيق أفق التلميذ فى مرحلة الاساس؟ ولماذا تغيير اسم مادة  (العلوم) الى ( العلم فى حياتنا) مع ان اسمها (علوم) فى  كل لغات العالم.

4- المعلم المدرب:                                                       

            اكبر خطأ ارتكبه واضعو السياسة التعليميه فى تسعينيات القرن الماضى هو تحويل معاهد التربيه الى جامعات . وبينى وبينكم  الاختبار العملى والميدانى و(حصة معاينة) لخريج معهد تربيه سابق وخريج جامعى بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف( من المعاهد التى تحولت الى كليات تربية ) . فالاهتمام بتدريب المعلم هو حجر الزاوية فى هذه القضية .


5- امتحانات شهادة الاساس:-

        شخصيأ  أعمل بقاعدة فى وضع امتحاناتى  الشهريه والسنويه وهى  ( يجب على التلميذ ان يرتفع الى مستوى الامتحان لا أن  ينزل الامتحان الى مستوى التلميذ) . وامتحانات مرحلة الاساس فى الخمسة  عشر عاماً  الأخيرة  نزلت الى مستوى التلميذ المتدنى         ( فزادت الطين بله) فصار  يدخل المرحلة الثانويه كل من (هب ودب) ومنها الى الجامعه .    
6- المناشط المدرسيه:-

         غياب المناشط المدرسيه الاسبوعيه له اثر كبير فى تدنى مستوى التلاميذ بالمدرسه , حتى يرتبط التلميذ بالمدرسة يجب ان تشبع المدرسة رغباته  وبالتأكيد رغبات التلميذ ليست كلها أكاديميه فمنها  ماهو ثقافى ومنها ماهو رياضى وهكذا النشاط المدرسى الاسبوعى من (مسرح ,رياضه ,جمعيات ,فنون ,اذاعه ) تعتبر متنفس  للتلميذ وعندما يمارسها التلميذ بصوره راتبه كنشاط اسبوعى تزيد ارتباطه بالمدرسه وبالمعلم وبالتالى ينعكس هذا فى ادائه الاكاديمى وحبه للمدرسه . و تفعيل المناشط المدرسية يحتاج – بالتأكيد – إلى معلم مدرب .
      اما التعليم العالى  فكل المؤشرات تشير الى ان كارثة حقيقة حلت به فغياب المعامل والمكتبات حول ادى الى تضييق افق الطلاب عبر (نظام الشيتات ذات ال40 صفحة ) وهي لعمري اس البلاء فاصبح الطالب الجامعي او - بعضهم - يعتمد علي شيتات استاذ المادة فغاب البحث وغاب دور المكتبة . فالاصل في الجامعة (المكتبة ) ان يبحث التلميذ في عشرات المراجع في المادة الواحدة وبغيابها اصبح طالب الجامعة كتلميذ الاساس يعتمد على شيت (يقراهو في القابات) الشي الذي ادى الى مخرجات ضعيفة لطلاب الجامعات (بعضهم ) ان جاز لي التعبير .  ايضاً دخول الطلاب للجامعة في هذه السن (طور المراهقة الاول ) الذي يشوبه عدم الاستقرار وعدم المقدرة على اتخاذ قرارات مصيرية ادى الى اكتشاف الطلاب لميولهم ورغباتهم بعد فوات الاوان (بعد التخريج ) في بعض الاحيان . وهذه مرده الى ان التعليم العام في السودان يتكون من (11 عاماً فقط ) مخالفاً لكل قوانين وقواعد الدنيا . فالتعليم العام في كل العالم (12 سنة ) فقط تختلف في السلم (12 سنة داخل سور واحد ) -(4-4-4) - (6-3-3) - (9-3) . 
     اما ما  اريد ان اشدد عليه فهو ضرورة عودة المرحلة المتوسطة فهى المرحلة التى تشكل شخصية التلميذ و تتفتح فيها مواهبه اضافة الى النشاط المحموم الذى يفرغ فيه التلميذ كل طاقاته فى هذه المرحلة العمرية الحساسة . و فى اعتقادى اضافة سنة للاساس او سنة للثانوى لن تحل اى مشكلة اذ لابد ان يمر التلميذ بامتحان مرحلة مركزى او ولائى من سادس الى اول متوسط  فيرتفع مستوى التلاميذ تلقائياً بعبورهم لامتحان المرحلة وهكذا فى المرحلة الثانوية .
        هذه اجتهادات من واقع خبرتى – المتواضعة – وباستطاعتكم وضعها فى قالب علمى عبر ( استبيان و احصاءات ) لتكون أكثر علمية و تسهم فعلاً فى دفع عملية التعليم فى بلادى .
مع شكرى و تقديرى
حمدى صلاح الدين
معلم ، مذيع وصحافى


شاركه على جوجل بلس

عن حمدى صلاح الدين

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

4 التعليقات:

  1. صباح الخير.مقال رايع.ويحوي نصايح قيمة.اتمني لو يؤخذ به

    ردحذف
    الردود
    1. اتمنى ذلك لطيف - اشكرك على مرورك

      حذف
  2. عيال بتجري على المدارس والفطور نجماً بعيد ...
    للمشكلة أعماق واطراف وحكايا يشيب لها الطفل يا أستاذنا .

    ردحذف
  3. يلا كلنا مع بعض نحاول نعالج ما يمكن علاجه يا قراى و ايقاد شمعة افضل من لعن الظلام

    ردحذف